للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لولدك أن يكون رجلاً من أولئك الرجال الذين يحييهم الناس في الطرقات، الذين يسافرون في المركبات المحجوزة، وينزلون في أفخر النزلات، ويصيبون من العقدة والجاه ما يسول لهم استحقار العظمة المغمورة، والزراية على الفضيلة المجهولة، فهاته إلى فأنا الزعيم له بذلك - فأما أنه يذكر بين سير فلو طرخس فذلك مالا أضمنه لك، ولكني أضمن لك أن يدون اسمه يوماً ما بين أعظم الأسماء في سجل الحكومة.

ثم قال أنه سيرتب مدرسته درجات حسب درجات حسب درجات المدارس المعهودة لأن أكثر الناس لا يتطلعون من التعليم المدرسي إلى الانتظام في سلك الجامعات، أو يطمعون في درجة الأستاذية. وطلاب النجاح منهم من يقنع بما دون الوزارة في السياسة، ودون الملايين في الغنى والثروة، فلا حاجة لهؤلاء بما هو أعلى من المبادئ الأولية في علم النجاح. فلهذا أعددت في المدرسة قسماً عاماً لمن لا يبتغون أكثر من النجاح في الحرف الصغيرة والمكاسب الوضيعة ونصيحتي إلى هؤلاء الصدق والأمانة - قال وقد يظهر أن في هذه النصيحة شيئاً من خبث ماكيافللي ولكن الواقع والمشاهد أن الصدق نافع لطلاب القسم الأول من علم النجاح - لأن الناس كلهم على بصيرة بتمييز الجيد والردئ من صنعتهم - إذا أتقن الإسكاف صنع حذائه وباع البدال السكر نقياً ولم يبعه على الناس رملاً. فكلاهما على ثقة من نفاق بضاعته، والبركة في رزقه، وإن أجهل الناس يشعر بضيق الرداء أو سعته ويتعذر عليه أن يلحظ عيب السرير إذا كان معيباً، فاعلم أنه لا ينفع هؤلاء الصناع إلا تجويد الصنعة، والصدق في المعاملة.

فأما الطامحون إلى عظيم المراتب، المغامرون في جليل المطالب، الراغبون فيما هو أسمى وأسمق من معقول الناس فنصيحته إليهم أن يتجنبوا الحياء ما استطاعوا. فقد يكون الرجل على قدم راسخة في العلم. وعلى قسط وافر من التفوق في الفكر، مليئاً بإنجاز العظائم، مضطلعاً بكبريات العزائم فإذا كان مع هذا حيياً وقوراً فأنذره بسوء العقبى وأيئسه من الإقرار بفضله والاعتراف بحسناته، إلى أن قال: ولا يغرنك قول من قال: لا تتكلم عن نفسك فهذا هذر وهذيان. ولكن ليكن كلامك كله عن نفسك أولاً لأن الكلام عنها يطربك، وثانياً لأنك تصرف المجلس عن التحدث بغيرك - وقد يكون من أندادك - ما دام المجلس يصغي إليك. وثالثاً لأن إثارة من كلامك ستبقى في ذاكرة أشد مبغضيك. وليكن لك من