للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشده الخضوع للقانون، ولا الطاعة للسلطات، ولكن يستعاض عن ذلك باتفاق حربين الطبقات المتعددة. والبيئات المختلفة التي يتألف منها المجموع، وقد وجدت مبادئ هذه النظرية في كل عصر من عصور الإنسانية، تقوم كفة الحكومة، فتسقط كفة الفوضى، وتعلو هذه فتسقط تلك.

قال الأستاذ أدلر الألماني إن ارسيتباس المتوفى عام ٤٣٠ قبل المسيح، وهو أحد مؤسسي المدرسة السريانية قال في إحدى كلماته أن على العقلاء أن لا يعطوا الحكومة حريتهم، وقد أجاب يوماً عن سؤال ألقاه إليه سقراط، إنه لا يرضى أن ينتسب لا إلى الحاكمين، ولا إلى المحكومين. .

ولعل أحسن من وضح نظرية الفوضى الفيلسوف زينون المتوفى عام ٢٧٠ قبل المسيح، وهو مؤسس الفلسفة الرواقية، عارض بمذهبه القائل بمجتمع حر دون حكومة تعلوه، نظرية أفلاطون في جمهورية وطوبوية الحكومة، فنقض قوة الحكومة، ودعى إلى قوة القانون الأخلاقي الذي يسنه الفرد لنفسه، قائلاً إنه بينا غريزة حفظ الذات تدفع الإنسان إلى الأنانية إذ بالطبيعة قد جعلت لهذه الغريزة مهذباً ومخففاً، فركبت في المرء عاطفة أخرى، تلك نهي غريزة الاجتماع، فإذا رجحت عقول الناس حتى يستطيعوا أن يتبعوا غرائزهم الطبيعية، فلا تعود بهم حاجة إلى المحاكم ولا إلى الشرط والمعابد والأديان، ولا إلى استعمال السكة والنقود، وإنما يستعيضون عن الأخيرة بتبادل العوارف والأعطية.

على أن كتابات زينون لم تبلغ إلينا إلا شتيتا من كلم، ومتفرقاً من حكم، ولكن مذهبه هذا هو نفس مذهب الفوضويين العصريين فكأنما كان زينون لسان حالهم.

وقد جاء رابليه وفنيلون في طوبوياتهما بهذه الآراء عينها، وكانت شائعة في القرن الثامن عشر بين الأنسيكلو بيذيين الفرنسيين، ترى منثورات منها في كتلب روسو ومؤلفات ديدرو، حتى لقد وجدت أشدها في الثورة الفرنسية.

وكان جدوين في بحثه الذي عقده في العدل السياسي أول من نظم آراء الفوضوية السياسية والاقتصادية وإن لم يعطها هذا الاسم - قال ليست القوانين نتاج الحكمة من أجدادنا، وإنما هي وليدة عواطفهم وجبنهم وعصبياتهم وأطماعهم، وإن العلاج الذي نستمده من القوانين، لهو شر من الداء الذي تدعى هذه القوانين إشفاءنا منه، فإذا أبطلت هذه القوانين، وأقفلت