للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المحاكم، وترك القضاء في الخصومات للمراجيح من الناس نشأ من ذلك العدل الحقيقي.

وإليك ما كتب أيضاً يستطيع المجتمع بكل سهولة أن يعيش دون الحكومة، بل حسب المجامع ان تكون صغيرة متضامنة.

وكان برودون أول من استعمل عام ١٨٤٠ لفظة فوضوية للتعبير عن حال المجتمع بلا حكومة، وهو أول من نقض مذهب الاشتراك في مال الجمهور، وكذلك كل وسائل الاشتراكية الحكومية التي ذهب إليها لويس بلانك، قال عن الامتلاك في كتابه الأول الامتلاك هو السرقة والاختلاس ولم تصب آراء برودون الفوضوية في فرنسا إلا صوتاً خافتاً. إذ كانت الكفة العليا لآراء الاشتراكية المسيحية التي جاء بها لامينية وأتباع فورييه، وآراء الاشتراكية الحكومية للويس بلانك وشيعة سان سيمون، ولكنها وجدت بعض التشجيع في ألمانيا من فريق اتباع هيجل. وقد صرح بالفوضوية هس عام ١٨٤٤، وكارل جرين عام ١٨٤٥.

وبدأت هذه الأفكار الفوضوية تشيع حتى انتهت إلى روسيا في خلال حكم القيصر اسكندر الثاني عام ١٨٥٢ واتخذت لها اسماً غير الفوضوية ونعني به العدمية وهي لفظة كثر ما يراد بها النوع الثوري من الاشتراكية الروسية، وأول من استعمل هذه الكلمة تور جنيف الكاتب الروائي الروسي الأكبر، في روايته المشهورة الآباء والأبناء التي طبعت في عام ١٨٦٢، وذلك أن تور جنيف لاحظ بين طلاب الجامعات والمدارس الصناعية العالية منظراً جديداً مدهشاً، وهو أن فتياناً نشأ، وفتيات شواب بدأوا يسخرون من الاعتقادات العامة والتقاليد المصطلحة والعادات المحترمة في الحياة الاجتماعية، وشرعوا يتباحثون في تهذيب المجتمع وتأسيسه على قواعد علمية بحتة. وكان من ذلك أنهم قلبوا النظام القديم المتبع حتى في أتفه الأمور وسفاسفها، فأما الذكران منهم فأعفوا شعورهم. وأما الإناث فقصصن فروعهن. فكانت ظواهرهم وأزياؤهم وأحاديثهم عرضة لسخرية الناس وهزئهم، ولكنهم كانوا يهزأون بذلك ولا يكترثون إذ كانوا قد رفعوا أنفسهم عن مستوى ما يسمونه بالرأي العام واحتقروا الرسوم والطقوس وكانوا لا يعترفون من المذاهب القديمة في التربية إلا بمذهب العمل لصالح الجماعات، وكانوا يصرحون بأن الإسكاف أو صانع الأحذية