للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإليك الجواب عليها.

إن صربيا وإن كانت مملكة صغيرة إلا أنها مملكة ذات بأس ومنعة. وهي الحائل الذي بين النمسا وبين بلوغها بحر إيجه إذ كانت سلانيك وهي أكبر ثغور البحر الأبيض المتوسط تبعد بنحو ثلاثمائة ميل عن بلغراد عاصمة الصرب الواقعة على حدود الإمبراطورية النمسوية، ومن ذلك يتبين أن أية دولة عظيمة ذات مصالح في بحر إيجة أو في البلقان بجملته وفي آسيا الصغرى يجب أن تقبض بيدها على هذا الثغر وإن الطريق إليه يجب أن تكون موطأة ممهدة.

هناك دولتان عظيمتان وإن شئت فقل دولة عظيمة وأخرى تتألف من مجموع دولتين عظيمتين - كل منهما ذات مصالح عظيمة في آسيا الصغرى وبحر إيجة، أولاهما روسيا والأخرى ألمانيا والنمسا مجتمعتين، وقد ظلت هذه الدول عاجزة عن بلوغ أمنياتها من تركيا حتى عام ١٩٠٨ تجاهر برغائبها ولا تقدم خطواتها، ومنذ خلع عبد الحميد بدأت خريطة البلقان تتغير وتتبدل، وطفقت الفتن والهزاهز تعمل أبداًَ على تغييرها.

ولقد كانت تركي من قبل الانقلاب الدستوري نهباً مقسماً بين الماليين الغربيين وجلهم من الألمان، وقد جعل الألمان يأخذون الامتياز اثر الامتياز ويظفرون بالاتفاق بعد الاتفاق وأهم هذه الامتيازات سكة حديد بغداد، يراد بها أن تجري من القسطنطينية إلى بغداد فثم إلى الخليج الفارسي فتداني الأملاك الإنكليزية في المحيط الهندي، وكان من وراء شركة هذه السكة الكبرى المصرف الألماني، وهو من أعظم بيوتات المال في الغرب أجمع، وقد أخذ على عاتقه أن يسعف المشروعات الألمانية فيما وراء البحار كل جهده.

الأسباب المالية

كان مؤسس هذا المصرف الكبير جورج فون سيمنس وهو الذي ظفر بعقد الاتفاق على مد سكة حديد بغداد، ومديره الحالي هو أرثر فون جوينر هو الذي وكل إليه إتمام هذا المشروع، وقد أتوا حتى الآن على تشييد نصف الطريق أو كادوا، وقد أنفق إلى الآن عليه من الأموال الألمانية بين ستة عشر مليوناً وثمانية عشر من الجنيهات.

ليتدبر هذه المسألة أولئك الذين يتوهمون أن ألمانيا والنمسا اندفعا إلى الحرب يسوقهما الثأر لدم الأرشيدوق؟ إن المصرف الألماني يملك كل سكك حديد برلين وكل مستخرجات الزيت