ولم يذق اللورد روبرتس في حياته الخمر، ولا شرب التبغ، وكان يرأس في بعض الأحيان مجتمعات منع المسكرات في الجيش، ولكن أكبر دليل على رجاحة عقل هذا الشيخ وحسن تبصره أنه لم يحاول يوماً أن يقهر الجند على أن يمتنعوا عن الشراب جملة واحدة.
وكان يحب الأطفال ويبتهج بمداعبتهم، ويسر برؤيتهم، وقد حدث ذات مرة، يوم كان في الهند، إن رأى طفلة في الحول الثاني من عمرها في أحد حوانيت المدينة وكان في زورة إلى أحد الأسواق العمومية، فما كان منه إلا أن حملها وجعل يلاطفها ويناغيها، ثم مشى بها متظاهراً بأنه سيأخذها معه، فلم يكن من أم الطفلة إلا أن عدت نحوه فانفضت عليه انقضاض النمرة المغضبة، والتقطت الطفلة منه، وجعلت توسعه سبا وتقريعاً وانتهاراً باللغة الهندية، وطردت هذا البطل المغوار من حانوتها، ولذلك كان يقول اللورد كلما قص القصة على الناس وكانت هذه هي الهزيمة الوحيدة التي لقيتها في الهند!.
فون بتمان هولوج
المستشار الفيلسوف
تعاقب على ألمانيا الإمبراطورية خمسة مستشارون - هم بسمارك الأوحد الفرد وكان سياسياً، وكبريفي وكان جندياً، وهو هنلوه وكان بلاطياً وبيلوف وكان مفوضاً دولياً، وبتمان هولوج، مستشار اليوم، وهو مثال الفيلسوف!.
صعد هذا الأستاذ ذروة المستشارية منذ عام ١٩٠٩ فلم يخلع عنه ثوب الفلسفة ليرتدي ثوب السياسة، ولم يجر لقب المستشار في أخلاقه على لقب الفيلسوف، ولكن ذلك لم ينزل الأستاذ عن مقعده ولم يحرمه من دسته، لأن غليوم الثاني، كما قال بسمارك في مذكراته: إن هذا الفتى الشاب سيكون مستشار نفسه ولأن القوانين الأساسية لا تجعل المستشارين مسئولين أمام البرلمان وإنما أمام الإمبراطور، وكفى أن الإمبراطور راض بالمستشار الفيلسوف، مغتبط بقربه، مبتهج بآرائه الفلسفية أكثر من ابتهاجه بآرائه السياسية، وقد خسرت ألمانيا عالماً عظيماً وأستاذاً كبيراً من يوم انتقل بتمان هولوج إلى حلبة السياسة.
وكان يقولون عنه قبل المنصب أنه مثال الفلسفة النظرية السديدة فلما رفع إلى مقعد المستشارية هتفوا له صائحين هذا هو رجل الإمبراطور - يريدون أنه الرجل الفذ الذي سيسر غليوم - إذ كان تلميذين معافى فرقة واحدة في جامعة بون وإن الروابط القلبية التي