للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الألمانية أن أكثر نوابغ الطليان والفرنسيس في النهضة العلمية من الشعراء والنحاتين والمصورين والكتَّاب والمفكرين وثبوا جميعاً من أصل ألماني، ولسنا نريد أن نفند للقراء هذه المزاعم العريضة والحجج العاثرة بل حسبنا أن نقول إن الكتاب وإن كان مضحك التخريج، واهن الاستقراء إلا أنه قد قوبل في ألمانيا بالتهليل والتكبير، وتناولته المجلات التاريخية والأثرية بالأبحاث الرزينة، والتعليقات الجدية، والمقالات الممتعة الفلسفية، وكان له أعظم الأثر في نفوس الألمان.

يدور محور هذا الكتاب على إثبات أن جميع أساطين القرنين الخامس عشر والسادس عشر أو جلهم من الطليان والفرنسيين نبغوا جميعاً من الدم الألماني، وقد انتحى وولتمان في تقسيم أوروبا منحى لم يزغ فيه عن منحى العلماء الأنثرولوبوجين إذ قسمها إلى أجناس وشعوب، وأشهر هذه الأجناس الجنس الشمالي أو الألماني، وهو الذي يمتاز عن غيره بالرأس المستطيل والشعر الخفيف والأعين الزرقاء، ثم يلي ذلك الجنس الجنوبي النازل بسواحل البحر المتوسط. وهذا يعرف بالرأس القصير المستدير والمعارف والتقاطيع السمراء، فإذا وقع وولتمان في بحثه على طلياني عرف عنه أنه كان مستطيل الرأس أزهر المعارف زرقاوي العينين لم يخالجه الشك هنيهة واحدة في أن الدم الألماني كان يجري ولا ريب في عروق الرجل.

وترى كتاب ألمانيا وأهل الرأي فيها لا يريدون أن يقتنعوا بهذا المقدار من العجب والزهو بل ما فتئوا يعلمون قومهم أن الألمان هم الذين أنقذوا العالم من ذلك الانحطاط المظلم الذي كان يهم بأن يغشي الإنسانية على أيدي الرومان في أخريات أيامهم وزمان ترفهم وضعفهم، وهم الذين رفعوها من تلك الهاوية السحيقة القرار التي تهاوت فيها المدينة الرومانية وإن البرابرة الألمان الذين تدافعوا من حدود الشمال وتخوم الجليد على روما وأهلها ودولتها واجتاحوا شاسع أقطارها ووضعوا من صولتها لم يكونوا أقل بأساً من الرومان أو أصغر أو أحط مدينة.

إليك ما يقول تشمبرلن عن هؤلاء البرابرة الألمان: إن هذا الهمجي الذي كان يؤثر أن يندفع إلى ساحة الحرب عاري البدن، هذا المتوحش الذي وثب على غرة من العالم من بين قرائر الأحراش وصمائم الأدغال فصب على الإنسانية المتحضرة المتهذبة ويلات ذلك