للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفتح الرهيب العظيم - هو الوارث الشرعي للروماني وأخيه اليوناني - دمه من دمائهما، وروحه على غرار روحهما. لقد كان العالم الروماني على أبواب الموت وفي طريق الفناء، كان عبيد آسيا وأفريقيا قد اختلسوا الخطى حتى اعتلوا عرش الدولة الرومانية، بينا كل الشآمي قد وضع في يده مقاليد التشريع، وكان الإسرائيلي غائراً بين أسفار مكتبة الإسكندرية يريد أن يوفق بين الفلسفة اليونانية والشرائع الموسوية، ثم لم يلبث أن أقبل المغولي يريد أن يسحق تحت قدمه المتوحشة الملطخة بالدماء ثمار تلك الحياة الرومانية الزاهرة، كان الشعر الهندي سائداً وكانت الفلسفة الهندية سارية فاشية، وكانت الفنون الرفيعة قد أسلمت الروح، لم يكن للأغنياء من إلا الرسوم والآداب والإصطلاحات، ولا شاغل للفقراء إلا المصارعات والمسابقات، ولم يعد يومذاك في العالم، كما يقول شيلر، أناس بل مخلوقات.

. . . إذ ذاك حان الزمن لظهور المنقذ، ونضج الوقت لوثوب المصلح المهذب. . . نحن لا نندم على شيء ندمنا على أن الألماني لم يبعد يومذاك في التطهير والاستئصال والإفناء.

يزيد تشمبرلن أن يحتكر في قومه الصراحة والتسامح والحرية. يقول إن الغوط كانوا أنبل أرواحاً من الرومان، وأجمل منهم سماحة في الدين، إنهم جاءوا الدولة الرومانية فإذا التعصب الديني ضارب بجرانه، باسط على الأرض جناحيه، فزجروا هذه العاطفة المرذولة، وقضوا على هذه النزعة المنكرة وأقاموا على آثارها عاطفة التسامح الحلوة الطاهرة، أبقوا على الآثار، وأمسكوا على العاديات، واحتفظوا بحسنات الفنون.

هذا بينا ترى الكتَّاب الألمان يقولون: نحن أحسن الاستعماريين وأبدع الملاحين وأعظم التجار. . . نحن أزكى أمة أخرجت للناس. . . بل أرقى شعب في العلم وأبدع أمة في الفن. . ثم نحن رأس الشعوب في الحرب غير مدافعين!!.