للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المجانين في الكتب، وأضفت من عندي بعض الاختراعات الجنونبية، كما يكون من الممثل الصنع الحاذق الأريب.

وخطر لي، وأنا أقوم بمبادئ خطتي خاطر غريب. لا أظنه يقع يوماً لمجنون، ذلك ني فكرت في الخطر المفزع المخيف الذي تجره تجاريبي المجنونة الممرورة.

وأنت يا سادتي تفهمون ما أريد، إن الجنون ليس إلا ناراً محرقة تلهب من يلعب بها، بل لو كنتم في كهف مظلم مملوء بالبارود، فأرسلتم النار في جوانبه، لكان آمن عليكم وأقل خطراً من أن ينساب إلى عقل أحدكم أقل خوف من الجنون.

كنت أعرف ذلك، وكنت أحسه، ولكن أي خطر يستطيع أن يرد الرجل الشهم الجريء.

ـ ٣ ـ

ولعلكم الآن تفهمون مبلغ تلك النوبة الجنونية المخيفة التي اعترتني في وليمة آل كارجوانوف.

كانت هذه النوبة أول تجاريبي، وقد نجحت أكثر مما كنت أتوقع، أقول لكم يا سادة إن المدعوين جميعاً رأوا عوارض تلك النوبة قبل أن تبتدئ، وبدا لهم أنها حادثة عادية قد تقع يوماً للأصحاء الأقوياء، فلم يظهر على أحد منهم أدنى أمارات الدهشة أو الاستغراب.

ألم ينبؤكم أنني كنت ساعتذاك شاحب اللون، مخيفاً مرعباً، وإن جبيني كان غارقاً في لجة من العرق البارد، ألم ينته إليكم أن شعلة الجنون كانت تطل من عيني ولما أنبؤوني بعد ذلك بكل ما رأوا مني في المأدبة اتخذت هيئة محزنة مظلمة متعبة، ولكنني كنت في أعماق ضميري مزهواً بنجاحي فرحاً مغتبطاً.

ولم تكن تاتيانيا ولا زوجها حاضري المأدبة، ولا أعرف يا سادتي إذا كنتم لاحظتم هذه النقطة، نعم، لم يكن تغيبهما عن الوليمة فرصة من الفرص، ولكني اخترت أن أقوم بالنوبة في غيابهما، كنت أشفق من إرعاب تاتيانا، بل مما هو شر من ذلك، من إثارة شكوكها، وذلك لأنه إذا كان في العالم إنسان واحد يستطيع أن يكتشف أمري، فذلكم الإنسان لا يكون ولا ريب إلا هي، هي وحدها.

واخترت ساعة العشاء لنوبتي، إذ يكون المدعوون منتدين جلوساً في المقاعد. وإذ تكون الخمر قد اهتاجت أعصابهم. ولعبت الشمول بالرؤوس. وأخذت مجلسي عند طرف المائدة