بعيداً عن الشموع الموقدة. لأنني لم أكن أريد أن أثير حريقاً في الدار أو ألهب أنفي وأطرافي.
وسألت أحد المدعوين وهو بافل بتروفتش أن يكون جنيبي. لأني كنت منذ زمن بعيد أميل إلى مغاضبة هذا المخلوق المرذول المبطان البدين. وهو إذا أكل اشتد ثقل روح وازداد برودة دم. ولقد حسبت يوم رأيت هذا الثقيل يأكل إن الأكل لابد من أن يكون رذيلة الرذائل ومشت خطتي في هينة ورفق، وكان كل شيء في صالحي، حتى لم يستطع أحد منهم أن يلحظ أن الصفحة التي حطمتها بقبضة يدي كانت مغطاة بالمنشفة، لكي أتجنب تجريح يدي.
وكانت الرواية المضحكة التي قمت بتمثيلها حمقاء طائشة، ولكن ذلك ما كنت أبتغي وأريد، ذلك لأنني لو عمدت إلى حركة أهدأ وأعقل وأتقن لراحت عند القوم غامضة مبهمة، بدأت ألوح بذراعي في الهواء وأصيح في وجه بتروفتش أرعن مغيظاً، وجعل هو في دهشة وذهول يحملق إلي ببصره، ويدير عينيه في مبهوتاً، وإذ ذاك عدت إلى هدوء هامد مظلم حزين.
قالت أيرين بافيلوفونا في ابتسامة صغيرة، ماذا بك يا أنتوني، وعلام هذا الانقباض؟.
حتى إذا شخصت الأبصار جميعاً إلى، تضاحكت ضحكة محزنة مريضة قالوا أجمعين ما بالك، ألست في صحتك؟.
قلتأحس بدوار، إن رأسي يضطرب، ولكن أرجوكم يا سادة أن لا تنزعجوا فإنها عمل قليل تمر.
وعادت ربة الدار إلى طمأنيتها، ولكن بتروفتش جعل يلحظني بعين متهمة غير مصدقة وما كادت تمضي لحظة أخرى، حتى رأيته يرفع كأسه إلى شفتيه فوثبت إليه فحطمت الكأس قريباً من أنفه، وألقيت بقوة وعنف قبضتي على الصفحة التي أمامي فطارت شظاياها في كل مكان، أما بتروفيتش فجعل يتسخط ويلعن ويشتم وهو يدور حولي، وولولت السيدات وارتفع الصريخ، وضج الصياح، وصرفت بأسناني ثم جررت غطاء المائدة وما فوقها، صدقوني يا سادة، لقد كانت رواية طائشة مضحكة.
أجل، لقد كانت دعابة جميلة، وإذا بهم جميعاً قد التفوا حولي وتزاحموا، فأمسكوا بذراعي،