كبير أهمية لتلك المزحة الصغيرة التي موهتها على رجل من أهل صنعتكم. . . إن الأستاذ ت. . العالم البحاثة ليستحق ولا ريب كل احترام.
ومنذ اليوم الذي أصبحت حياة الكسيز في يدي وأنا أهتم كل اهتمامي بصحته ولم يكن الكسيز قوياً شديد الأسر. ومع هذا كان مهملاً نفسه غير مكترث بصحته لا يريد أن يلبس قميصاً أو يتدثر بصدار، يخرج في اليوم البارد المقرور دون خفية. وكانت تاتيانا تكلف نفسها صعود سلم داري لتحمل إلي أنباء زوجها المتوعك المريض وجاءت مرة لتقول لي إن الكسيز نام ليلة الأمس في هدأة ورفق - وكان هذا أمراً غير عادي عند الكسيز فأظهرت لهذا الخبر ابتهاجاً وغبطة وطلبت إلى تاتيانا أن تحمل إلى زوجها كتاباً مني وكان هذا الكتاب نادر الوجود وكان مشوقاً هو إلى قراءته. ولعل إتحافه بهذه الطريقة كان غلطة مني إذ قد يتهمونني بأني كنت أريد بهديتي أن أعمي القوم عن التماس الحقيقية، ولكن رغبتي في إدخال السرور على قلب الكسيز كانت شديدة حارة حتى أجمعت نيتي على أن أجازف هذه المجازفة الصغيرة، وسلكت في هذا اللقاء مع تاتيانا مسلكاً رفيقاً محبوباً جميلاً فرأيتني أكتسب بذلك شيئاً من انفعالها وتأثر مشاعرها ووجداناتها وهي وزوجها لم يشهداني في نوبتي الماضيتين، حتى لقد صعبا عليهما أن يفهما أنني حقاً مجنون.
قالت تاتيانا وهي تستأذن في الانصراف هلا جئت لزيارتنا فقلت مبتسماً لا أستطيع، إن الطبيب قد أمرني أن لا أبرح مكاني فقالت أية سخافة وأي هراء! أنت تستطيع أن تأتي إلينا، إذ تكون لدينا كأنك في بيتك، وإن الكسيز لتهفو نفسه شوقاً إلى رؤيتك.
وكذلك وعدتها الذهاب، وما وعدت في حياتي وعداً كهذا وكنت في إنجازه أوثق مني ذلك اليوم.
وكانت الثقالة البرونزية في موضعها اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر الساعة الخامسة من المساء، وأنا أدخل مخدع السكين، وكان ذلك قبل تناول العشاء، وعشاؤهما في الساعة السابعة، وكانا ساعتذاك في بهجة ومرح، وإزدار مراحهما برؤيتي قال الكسيز وهو يشد بيده يدي (أشكر لك يا صديقي الكتاب الذي أهديت كان ينبغي أن أذهب أنا لزيارتك، لولا أن تاتيانا أكدت لي أنك قد أبللت كل الابلال. وستذهب الليلة إلى دار التمثيل. فهل تصحبنا؟.