للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حربية غريبة تثب لصرخات الحرب وتجيش لأصوات القنبلة وزمجرة المدفع إذ لا ريب في أن كل منا يحس بأثر من الإعجاب والإجلال إذ يقرأ في الصحف نبأ موقعة حربية أو إغراق طرادة أو نسف باخرة لأن هناك مظهراً جميلاً من العظمة ومعنى حلواً من الجلال في كثير من خشونات الحرب ورهيبة أحداثها ووقائعها يثير في قلب كل فرد نوعاً من الحمية وضرب من السمو والقوة نعم إن في أثناء جوانحنا هذه النزعة التدميرية المخربة فلا داعي إلى إنكارها لأن أول وسيلة يمكن أن نستعين بها على نشر السلام هو أن نعمل على ضبط هذه النزعة وقهرها ولا سبيل إلى ضبطها إلا بتذكير الإنسانية جمعاء بالوجه الآخر المخوف من حقائق الحرب وأمورها على أن الذين يسفهون الحرب ويكرهونها ويرمونها بكل نكراء من القول هم الذين يريدون أن ينهوا عصرها ويختموا عهدها ولكن هناك كثيرين كبرت عندهم هذه النزعة وأشتد أثرها وهم وحدهم هم الذين يقفون في طريقنا إلى السلام العام على أننا يجب أن نتذكر أن القوى التي تعمل لصالح أمر من الأمور هي دائماً أشد تماسكاً وارتباطاً وتأثيراً من القوى التي تعمل على مقاومته وهذا ينطبق على حالنا نحن رسل السلام ومقاومتنا لرسل الحرب ودعاتها وأبواقها وطبولها فنحن القائمين في وجه الحرب الراغبين في قتل روحها لم نقم في وجهها إلا لعدة من الأسباب والأدلة والبراهين وذلك أن هناك فروعاً من الحياة غير الحرب نؤثر ووجوهاً من العيش نحب وهذه الحرب تقتل رغائبنا وتعيق أميالنا وأمانينا منا من يريد أن يتوفر على الفن - الشعر والموسيقى والتصوير والنقش والفلسفة الكتابة والتأليف ومنا من يريد أن يخلد إلى حرفته في المصنع وصناعته في المعمل ومنا من يريد أن ينزوي إلى التفكير العلمي والاختراع والابتداع ومنا من يريد اللهو والمرح والبهجة ومنا ومنا ولذلك قد اجتمعنا كلنا على أن نفكر في غير الحرب وننكمش إلى مطالبنا ووجوه عيشنا غافلين عن الحرب منشغلين وبيننا نحن كذلك إذ هناك فئة قد آثرت أن تخلد إلى العمل للحرب كما آثر بعضنا الإخلاد إلى الشعر ومن ذلك أصبح نشوب الحروب من جراء إهمالنا مسائل الحرب محتملاً ممكناً لأن هذه الفئة لا تفتأ تعد الأهبة وتمهد السبل وتضع الخطط لإضرام نيران الحروب كما لا يفتأ أرباب الفنون ما يتقنون فنونهم وينقحون في أساليبها ويهذبون وجوهها وإذا بنا على غرة قد تنبهنا إلى أن الحرب قد قامت على قدم وساق وعلى هذا لن تنتهي