للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروب ما لم نفكر نحن طلاب السلام في تأسيس نظام تام نستطيع به مراقبة مثيري الحروب وخالقيها وما لم نكن منهم بمثابة الشرطة من المجرمين واللصوص والجانين.

وقد شهدنا أن طلاب الحرب في كل أمة قليلون وإن كان أكثر الناس في بعض الأحيان يطلبون الحرب وذلك لأن العدوى قد سرت إليهم من هؤلاء القليلين وهم الذين أصبحت النزعة الحربية المختفية في أعماق عواطفنا جميعاً باعثاً نفسياً مسيطراً على كل شيء فيهم متغلباً حتى لا يمكن أن تقهر فيهم كما تقهر في وفيك بتذكر فظاعة التدمير والتقتيل ولا بإحساس الشفقة والرحمة ولا بتخيل الهول والويل لأن هؤلاء عشاق الحرب مخلوقات لا تحاكينا في التركيب ولا في العواطف ولا في الوجدانات وأنك لتسمع منهم دائماً إذا جلست وإياهم إلى حديث كلمة واحدة وهي إن الحرب تنبل وهم لا يريدون بكلمة تنبل إلا أنها تبيد آلاف المناعم التي لا يتنعمون بها ولا يتذوقونها ولا يفهمون لها معنى مناعم يجهلونها ولذلك يشعرون من نحوها بالغيرة والحقد مناعم سلمية هي الجمال والرقة والعطف والهدوء والسكون والبهجة وهم يصفون كل ما ليس خشناً في الحياة فظاً قاسياً بالانحطاط والاضمحلال وهذه الحجة التي يعمد إليها الحربيون وهي أن الحرب تنبل إن هي إلا عارض من عوارض ناموس حفظ الذات فيهم ضد مناعم السلم التي لا يعرفونها ولا يقدرون لها قدرا.

وليس طلاب الحرب قاصرين على القواد وغيرهم ممن يلبس تلك الأردية الملونة المذهبة العسكرية بل تعداهم إلى الأساتذة في الجامعات وقواد الفكر وكبار الكتاب ومنشأ ذلك إن الدأب على البحث والتنقيب وإنهاك الأعصاب في التدريس والتعليم هما اللذان يجعلان هؤلاء القوم يشعرون بالسآمة والضجر ويحسون عوارض السوداء والفتور والحزن والغم ويزداد فيهم ذلك حتى يتخذ مظهراً موحشاً يؤدي بهم إلى تلك الأفكار الوحشية الرهيبة فلو أنهم يعمدون إلى استحمام يومي طيب دافئ وانقطاع عن شراب النبيذ والجعة وغيرهما وإضراب عن التدخين وقضاء ساعات في الرياضة بعد المقيل لتحسنت صحة هؤلاء الأساتذة المحمومين المستعري الأعصاب ألمضطربي الأذهان.

على أن ليس العائق الوحيد دون استتباب السلام في العالم هم عشاق الحرب بل أولئك الجماهير العظيمة التي تعينهم على عملهن فلئن كانت الجماهير لا تحب الحرب ولا تريدها