السلطانية. وكان يوسف بن تاشفين لا تزال تفد عليه وفود ثغور الأندلس مستعطفين مجهشين بالبكاء ناشدين بالله والإسلام مستنجدين بفقهاء حضرته ووزراء دولته فيسمع إليهم ويصغي لقولهم وترق نفسه لهم فما عبرت رسل ابن عباد البحر إلا ورسل يوسف بالمرصاد ولما انتهت الرسل إلى ابن تاشفين أقبل عليهم وأكرم مثواهم واتصل ذلك بابن عباد فوجه من إشبيلية أسطولاً نحو صاحب سبتة فانتظمت في سلك يوسف ثم جرت بينه وبين الرسل مراوضات ثم انصرفت إلى مرسلها ثم عبر يوسف البحر عبوراً سهلاً حتى أتى الجزيرة الخضراء ففتحوا له وخرج إليه أهلها بما عندهم من الأقوات والضيافات وأقاموا له سوقاً جلبوا إليه ما عندهم من سائر المرافق وأذنوا للغزاة في دخول البلد والتصرف فيه فامتلأت المساجد وةالرحبات بالمتطوعين وتواصى بهم خيراً. ثم سار إلى اشبيلية على أحسن الهيئات جيشاً بعد جيش وأميراً بعد أمير وقبيلاً بعد قبيل وبعث المعتمد ابنه إلى لقاء يوسف وأمر عمال البلاد بحلب الأقوات والضيافات ورأى يوسف ما سره من ذلك ونشط وتواردت الجيوش مع أمرائها على إشبيلية وخرج المعتمد إلى لقاء يوسف من أشبيلية في مائة فارس ووجوه أصحابه فلما أتى محلة يوسف ركض نحو القوم وركضوا نحوه فبرز إليه يوسف وحده والتقيا منفردين وتصافحا وتعانقا وأظهر كل منهما لصاحبه المودة والخلوص وتواصيا بالصبر والرحمة ثم افترقا فعاد يوسف إلى محلته وابن عباد إلى جهته وباتوا تلك الليلة فلما أصبحوةا وصلوا الصبح ركب الجميع وساروا نحو إشبيلية ورأى الناس من عزة سلطانهم ماسرهم وكان الاذفونش لما تحقق الحرب استنفر جميع أهل بلاده وما يليها وما وراءها ورفع القساوسة والرهبان والاساقفة صلبانهم ونشروا أناجيلهم فاجتمع له من الجلالقة وةالافرنجة مالا يحصى عدده وجواسيس لك فريق تتردد بين الجميع.
وكان الاذفونش قبل ذلك كتب إلى امير المسلمين يوسف كتاباً يغلظ له في القول ويصف ما معه من القوة والعدة والعدد فلما وقف عليه يوسف أمر كاتبه أبا بكر بن القصيرة أن يجيبه وكان كاتباً مفلقا فكتب وأجاد فلما قرأه على الأمير قال هذا كتاب طويل وأحضر كتاب الأذفونش وكتب في ظهره (الذي يكون ستراه) ثم أردفه بكتاب يعرض عليه فيه الدخول في الإسلام أو الجزية أو الحرب ثم وافت الجيوش كلها بطليوس فأناخوا بظاهرها وخرج