للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اقتراح فليني فهمي باشا

إن من أكبر ما نعاني من ضورب الارتباك والفساد في حياتنا الاجتماعية أمر تدبير المال وطرق الاقتصاد والتنظيم وجوه العيش إذ كانت المسألة الاقتصادية في هذا العصر هي الأساس الذي تقوم عليه كل حضارة قوية ناهضة وليس الفارق الذي يفصل شعباً عن شعب ويميز عنصراً من عنصر، إلا مقدار ما بينهما من قوة الاحتفاظ بالاستقلال في العمل ومعرفة أساليب الاستثمار ومناهضة العوامل التي تجوز على الحرية الشخصية فتقتلها، وقد بدأنا نفقد شخصيتنا يوم فقدنا استقلالنا في المسائل المالية بل لقد كانت الغلطة المالية الأولى هي التي وضعتنا تحت ظروف مرة قاسية وأصابت مجموعنا بالشلل الاجتماعي وجعلت منا عنصراً مستخذياً مرتبكاً في أمره. ولهذا كان البحث في تدبير المال وابتكار أساليب الإصلاح فيه أكبر عمل يمكن أن يفيد شعباً منتشراً عليه أمره مثلنا وكان المصلح الذي يتوفر على هذا العمل من أكبر الإصلاحيين الاجتماعيين.

ونحن فإذا قلنا أن الاقتراح الذي صدر في هذه الأيام من ناحية عطوفة قليني فهمي باشا من تنظيم الديون والعمل على الاستقلال الاقتصادي من أكبر المشاريع الإصلاحية الحاضرة فلا نقول شيئاً كثيراً، وهو إذا تم على وجهه فأنا ولا شك ظافرون بخير الإصلاحات التي ترفع عنا نير الماليين والعاملين على سلب كل قوة فينا.

وهذا المشروع على خطورة شأنه وجليل أثره في حياتنا سهل ميسور مع بعض التضحية والنشاط، وخلاصته أن تضرب على كل فدان ضريبة مقدارها خمسة قروش لمدة خمس سنوات، وتعفى من هذه الضرائب الملكية التي لا تزيد على اثني عشر فداناً وبذلك نستطيع أن ننشئ مصرفاً مالياً وطنياً أكبر عمله إسعاف البلاد بفوائد قليلة.

ولم نعجب من شيء عجبنا للمناهضات والمعارضات التي جاءت تصدم هذا المشروع الحيوي الكبير وتخطئ الوجه المفيد منه ولكنا نعلم أن المعارضة والتخطئة خلق ركب فينا يريد أن يهدم أكبر مجهودات أذهاننا ونعلم أيضاً أن قوماً يرتزقون من وراء المتاجرة بالتخطئة والمعارضة التي يمكن أن تغتفر في الشعوب الناهضة الحية ولكنها في شعب فقير لا يزال في أول مدارج الحياة تعد أشد العوامل في تأخره وتعطيل كل مشروع مفيد وليس الصحافي الذي يجلس وراء مكتبه ويناول كل فكرة بالاستنكار إلا رجلاً مأجوراً على