للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مقاتلة المبادئ الصالحة الكبيرة الأثر.

هذا وربما عدنا إلى هذا الموضوع وبسطنا وجوه الرأي فيه من مخالف ومحبذ ونشرنا رأي الباشا الأخير مكتوباً بقلمه في الأعداد الآتية.

حول جمعية الهلال الأحمر

من بين الفكر الإنسانية الصالحة التي أخذها الشرق اليوم عن الغرب وتبعه في العناية بأمره واستنداء الأكف والقلوب والسواعد والأرواح إلى عونها وغوثها، فكرة إسعاف جرحى الحروب ومواساتهم وضمد جراحاتهم والاحتيال لتوفيرهم على النوع الإنساني والاجتهاد في رد قوات الحياة والنشاط والعمل التي كانت ستفقدها الإنسانية بفقدهم، وهذه الفكرة تعد من أحسن حسنات العالم المتحضر وأبلغ ما انتهت إليه وجدانات الأمم والشعوب ونحن لا نزال نسمع كل يوم بنبأ الملوك والأمراء والأكابر والكتاب والعلماء، بل والأميرات والكاتبات وفضليات السيدات وخلاصة أهل الجنس اللطيف، مسارعين جميعاً إلى أسرة الجرحى يمرضون ويطببون ويأسون، ويرضخون بالأموال والأعطية والأكسية والأطعمة والعقاقير، وليس من شك في أن جمعيات الصليب الأحمر كانت في هذه الحرب القاسية الموحشة المفترسة أكبر عامر على تخفيف خسائر الجنس البشري من جرائها وتلطيف ما يخيف من قسوتها ونكرها.

ذاك وليست جمعية الهلال الأحمر التي قامت في هذه البلاد بأقل أثراً في خدمة العالم من أخواتها الجمعيات الغربية الأخرى، فهي أبداً مخلدة إلى عملها السامي الشريف دائبة على الإخلاص في واجبها الروحاني العظيم، ولعل الفضل الأكبر في جلالة أعمالها لا يقع إلا لرجل واحد، اشتهر من قبل بين طبقات هذه الأمة بسماحته وكرم روحه وجود يده على كل فكرة أو مشروع أو مهمة يستمد الناس منها حاجهم من غذاء النفوس واطمئنان القلوب واستثمار الأذهان، وتهذيب المدارك، وقتل آلام الحياة، والتغلب على هموم العيش، والظهور على عناء السعي وراء الرزق ومنهكة الكد لسد الرمق، من مدرسة أو معهد أو مسجد أو ملجأ أو دارغوث أو أشباه هذه جميعاً، ذلك هو وكيل هذه الجمعية، والعضو بالجمعية التشريعية، صاحب السعادة حسين واصف باشا الرجل المحسن الكبير. فهو لا يرى في الموطن العظيم إلا عظيم الروح، متدفق الإحساس، فياض اليد والقلب، والناس في