ورأى غيره تشمخ بأنفه. فهدم أسلامه لحسده. وأظهر نفاقه وما صار منافقاً حتى صار حسواداً. ولا صار حسوداً حتى صار حقوداً. فحمق بعد اللب. وجهل بعد العقل. وتبوأ النار بعد الجنة. ولقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فشكاه إلى الأنصار فقالوا يا رسول الله لا تلمه فأنا كنا عقدنا له الخرز قبل قدومك لنتوجه ولو سلم للمخذول قلبه من الحسد لكان من الإسلام بمكان ومن السؤدد في ارتفاع فوضعه الله لحسده وأظهر نفاقة ولذلك قال القائل:
طال على الحاسد أحزانه ... فاصفر من كثرة أحزانه
دعه فقد اشتعلت في جوفه ... ما هاج من حر نيرانه
العين أشهى عنده لذة ... من لذة المال لخزانه
فارم على غاربه حبله ... تسلم من كثرة بهتانه
للرسالة بقية
القراءة والمطالعة
لفيلسوف الإنكليز اللورد باكون
الكتب أنس في الوحدة ولذة في الخلوة. وزينة في المحفل وصقال الخاطر ومشحذ القريحة تترك الرجل عليماً بتصريف المسائل وسياسة الشؤون والرجل المحنك الحاذق رما أجاد إنفاذ الأمور والحكم في الجزيئيات على انفراد ولكنك إذا أردت رب مشورة وأخا نظر وتدبير فابغه بين الكتب والدفاتر والتمسه بين الصحف والمحابر هذا وانفاق جميع أوقات المرء في القراءة نوع من الكسل والاسترخاء وقصر العلوم والمعارف على التحلي بها والتزين ضرب من التصنع والرجوع إليها عند كل مشكل والصدور عن رأيها في كل أمر صنف من الخطل وضعف العقل وإنما الكتب تهذب الفطرة. والحنكة تهذبها فهي ثقاف الطبع والتجربة ثقافها والملكات الغريزية كالنبات تحتاج من العلم إلى مشذب والعلم يعطيك الآراء مبهمة تحتاج من التجربة إلى حدود فاصلات. وموضحات بينات وأهل المكر والدهاء يحقرون الكتب والقراءة وذووا السذاجة يعجبون بها وأولوا العقل والأدب ينتفعون بفوائدها فأن لها خلاف المعلومات المستفادة منها فضل بصيرة ونظر تتوفر للذي يقرن القراءة بالتأمل ويشفع النظر في نواحي الصحف بالنظر في نواحي الأمور وإذا تناولت