للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مختلفة الألوان وصور أناس كلها ملونة على أبدع مثال وهو أمر في غاية الندرة في تاريخ الصناعة الإسلامية إن فنية أو بنائية وقد عدوا هذا الاكتشاف خطوة واسعة في معرفة تاريخ فن التصوير عند العرب، والراجح أن هذه الرسوم من صنع القرن الثالث للهجرة عند بناء سامرا لأن هذه المدينة أهملت في زمن المعتضد بالله سنة ٢٨٩ وخربت من ذلك الحين وغشيها التراب حتى أخذ أهل هذا العصر في التنقيب عن أطلالها.

المصورون وارتقاء فن التصوير في العراق ومصر

فمنذ أواخر القرن الثالث للهجرة نضج فن التصوير عند العرب ولاسيما التصوير على الأبنية بالألوان فقد أجادوه وانتقلوا به من طور التقليد إلى طور الابتكار والإبداع سواء أكان في المشرق أم في الأندلس، ففي المشرق امتاز العراق ومصر بمشهوري المصورين وإجادة فن التصوير في عهد حضارة الدولتين العباسية ببغداد والفاطمية بالقاهرة أما العراق فاشتهر بنبوغ كثير من المصورين والمزوقين الذين صنعوا أنفس الصور وأفخر الصنائع ومن أشهرهم (ابن عزيز) المصور الكبير وقد كان في العراق مثل القصير في مصر وسنقص حكايتهما بعد. (أما البصريون) فكانت صنعتهم مشهورة في ذلك العهد لا يضارعها شيء من صنائع سواهم وقد اشتغل منهم كثير في مصر التي كانت وقتئذ كعبة الطلاب والقصاد يتبارى فيها رجال هذا الفن الجميل فيجدون من يعضدهم ويعجب بأعمالهم من المغرمين بفن التصوير من كبار رجال الإسلام، وقد اشتهر فيها (بنو العلم) شيوخ هذا الفن وشيوخ أشهر مصوري عصرهما أعني (الكتامي) و (النازوك) ثم (القصير) وقد كان في التصوير كما ذكروا عنه مثل ابن مقلة في الخلط أما ابن عزيز فكان كإبن البواب، هؤلاء بعض مشهوري المصورين في الإسلام وكلهم كانوا في مصر أو جاءوا إليها. وقد وضع لهؤلاء المشهورين وغيرهم من المصورين كتب طبقات مثل طبقات الفقهاء والشعراء والأدباء والأطباء وغيرهم وذلك مثل كتاب طبقات المصورين المسمى ضوء النبراس وأنس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس فهذا يدل ولا شك على كثرة المصورين في الإسلام والاهتمام بهمه حتى وضعوا فيهم كتب طبقات، نعم ومما يدل على شغف الناس ولاسيما الخاصة بالتصوير ما سنورده من وصف بعض صنائع هؤلاء المصورين أمثلة لنبوغهم وصورة مصغرة لعصرهم ذلك العصر الذهبي للتصوير، ليقف القارئ بنفسه على