للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما (الكتامى) فأنفس ما صنعه صورة يوسف عليه السلام في الجب وهو عريان والجب كله أسود إذا نظره الإنسان ظن أن جسمه باب من دهن لون الجب وكانت هذه الصورة بدار النعمان بالقرافة.

ومما يدل كذلك على تفننهم في التصوير إبان حضارتهم واهتمام الخلفاء أنفسهم به في هذا العهد ما جاء في المقريزي عن الآمر بأحكام الله الخليفة الفاطمي أنه لما بنى المنظرة على بركة الحبش جعل فيها دكة من خشب مدهونة فيها طاقات تشرف على خضرة البركة صور فيها كل شاعر وبلده واستدعى من كل واحد منهم قطعة من الشعر في المدح كتبها عند رأس ذلك الشاعر. وبجانب صورة كل شاعر رف لطيف مذهب. فلما دخل الآمر وقرأ الأشعار أمر أن يحط على كل رف صرة مختومة فيها خمسون ديناراً وأن يدخل كل شاعر ويأخذ صرته، ويشبه ذلك الرفرف الذي بناه الأشرف خليل بن قلاوون وكان عالياً يشرف على الجيزة كلها وصور فيه أمراء الدولة وخواصها وعقد عليه قبة على عمد وزخرفها وكان السلطان يجلس فيها.

وكان الحكام يستعملون التصوير بمثابة المنشورات الآن لتحذير الناس من عمل أو لحضهم عليه فمن ذلك ما رواه المقريزي عن نساء القاهرة من استعمالهن طرزاً جديداً من الثياب (مودة) كن يسمينهه البهطلة وكان فاضحاً جداً فأسرفن في عمله حتى كان يبقى من القميص كثير على الأرض وسعة الكم ثلاثة أذرع فيكلفهن مبالغ فاحشة، فأمر الوزير منجك بقطع أكمام النساء وقبض على جماعة منهن وركب على سور القاهرة صور نساء لابسات (مودة البهلطة) بهيئة نساء قد قتلن عقوبة.

أما الأندلس فكان التصوير فيها زاهياً شأنه في المشرق. وأقدم ما وقفوا عليه من الصور الآدمية على الأبنية صورة مجلس قضاء وجدوه مصرواً على جدران قصر الحمراء في غرناطة ويظن أنه من صنع القرن الثامن للهجرة.

أما تصوير الكتب ورسم المسائل العلمية كالنبات والبيطرة والحيوان والهندسة وغيرها فقد استعمله المسلمون حسب الحاجة إليه. نرى مثلاً من إجادتهم في هذا الشأن من صور ورسوم كتب أبقتها لنا الأيام. وهذه الصور تختلف باختلاف موضوعات الكتب فمن ذلك الصور التاريخية والأدبية. وأقدمها كتاب كليلة ودمنة الذي عرب في القرون الأولى وشاع