تذبل الأزهار وتذهب بنضارتها، لا تخف يا حبيبي فإن أستزيد بهذا القول من رحمتك وإشفاقك وأضحك فإن الحياة نكتة باردة غثة قبيحة جميلة يضحك المرء من برودتها وغثاثتها، اضحك فإن في ضحكك ألحاناً وأنغاماً، إني أسمع في كل ضحكك نغمة تهتز لها أوتار القلب فأسمع فيه تغريد العصافير وأنغام العود والمزمار وغيرها من آلات الطرب، إني أتمنى أن أنشئ من أنغام ضحكك أنغاماً تفوق أنغام بيتهوفن وفردي ووجنر.
لقد كنت أستمد وحي الشعر من الهواء والماء والضياء وغير ذلك من مظاهر الطبيعة ولكني صرت أستمده من حبيك الذي صار لي بمكان الهواء والماء والضياء فهو الهواء الذي أنشقه والماء الذي أروى به ظمأي والضياء الذي يملأ عيني، إن حبك هو عندي حجر الفيلسوف الذي ما مس معدناً خسيساً إلا جعله نفيساً وكذلك حبك ما مس نفساً خسيسة إلا جعلها نبيلة، إن حبك ليريق ضياءه على ظلمات عيشي وظلمات نفسي كما يريق القمر ضوءه على الماء فيضيء ذلك النور أمواج العواطف التي تتضارب في صدري، إن حبك يسري فيّ مسرى الكهرباء في الأجسام، إن حبك هو العين التي أبصر بها واليد التي أبطش بها والسلاح الذي أصول به والعزيمة التي أناهض بها الأمور، آه ما أتعس الحياة لولا الجنون جنون اللذة والألم جنون الحب والبغض جنون العواطف والمطامع جنون الأمل واليأس والثبات والجبن والجود والبخل، يا حبيبي أنت سبب من أسباب الجنهون، إن الله لم يخلقك عبثاً، إن الله خلقك كي يزين بك الحياة ويجعلك سبباً من الأسباب التي تثير العواطف وتستفز المطامع وتبعث الجنون وتوحي بالشعر، إن حبك قد علمني الرحمة ولكنه علمني أيضاً القسوة وقد علمني الشجاعة ولكنه علمني الجبن وعلمني الأمل ولكنه أيضاً قد علمني اليأس وقد بلغ بي جنون اللذة ولكنه بلغ بي جنون الألم، إنك لا يمكنك أن تعرف مقدار جمالك لأن ذهنك لا يقدر أن يحيط به كما أن البصر لا يمكنه أن يرى من أول الفضاء إلى آخره، إنك لو عرفت مقدار جمالك لأصابك الجنون وسكرت منه وقمت ترقص سكراً وجنوناً، أنت جمعت في شخصك بين جمال السماء والأرض وجمال الجنة والنار وجمال الحياة والموت وجمال الخير والشر وجمال الصحة والسقم وجمال الصباح والمساء وجمال الليل والنهار، أنت جمعت في شخصك بين جمال الملائكة وجمال الأبالسة بين الجمال الإلهي المقدس والجمال الذي يحرك الشهوات، أنت جمعت في شخصك بين