للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمال الأطفال والفتيان والفتيات والرجال والنساء، أنت جمعت في شخصك بين جمال البرق في السحاب وجمال المصباح بين الأشجار وجمال النجم في السماء وجمال الحريق الهائل والشرارة الصغيرة وجمال الفكر وجمال العاطفة وجمال التقوى والورع وجمال الخالعة، أنت جمعت في شخصك جمال الأشكال كلها والمطاعم اللذيذة والأشربة الحلوة المسكرة وجمال الفواكه وجمال الأزهار وجمال الأشعار والآداب وجمال سائر الفنون الجميلة، أنت جمعت في شخصك طرفة من كل شيء جميل، سمعته أو قرأته أو رأيته أو فكرت فيه أو هفا إليه قلبي ونبضت له أوتاره فأنت تارة مثل الربيع عليل النسيم كثير التغريد وتارة مثل الصيف المكسال ذوي اللفحات والحر الذي يغلي له الدم في العروق، ومن أجل ذلك أشعر بحبك كما أشعر بالصيف، وتارة أنت مثل الخريف الكثير الثمار، ولكنك أحياناً كالشتاء البارد القلب من عواطف الحنان والرحمة والحب، أنت كالسراب فالسراب جميل مثلك مطمع مثلك ولكنه مثلك يغر ويخدع.

سأوحي إلى البلابل بأشعاري وأرسل الطيور المغردة إلى نافذة غرفتك في الليالي المقمرة التي تروق فيها الأحلام فتمتزج في روحك أحلام الصيف التي تراها في نومك أو يقظتك بأشعاري التي هي مثل أحلام الصيف وأناشيد البلابل التي هي مثل أشعاري وأشعة القمر الفضية التي تشبه أناشيد البلابل ولكن خيراً من ذلك كله سحر جمالك الذي هو أجل من أشعار الغزل والنسيب وأحلام الصيف وأناشيد البلابل وأشعة القمر الفضية فاذكرني في أحلامك فإني ليس لي نصيب من يقظاتك وأرسل إلي في تلك الأحلام شعاعة من أشعة نور وجهك كي تضيء ظلمات نفسي وظلمات عيشي وإذا قرأت في شعري شيئاً يسرك فاعلم أنه مستمد من جمالك وإذا رأيت فيه ما لا يسرك فاعلم أنه من نظم تلك الساعات من عمري التي لم تضئها شعاعة من أشعة نور وجهك فإن نفسي في تلك الساعات كظلمات فوقها ظلمات تجري في سمائها السحب التي تحمل الويل والدمار ومن تحتها لج متلاطم كله أشلاء ورمم وبين السحب واللج رياح هوج تعوي عواء الثكلى المجنونة وأكثر حياتي مثل هذه العاصفة لولا ما يضيؤها أحياناً من أشعة نور وجهك ما يتاح لها أحياناً من السكينة الكاذبة الخادعة التي هي أشبه الأشياء بالسكون والكاذب الذي يأتي قبل العاصفة وينذر بها.