للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنظرة مستريبة وفكرت ثم أجابت انتظرني خارج الكوخ يا سيدي.

وتراجع الحارس محيياً التحية العسكرية عند رؤية الجواز فلما دخلت مرسى المطبخ وجدت الجرحى الفرنسيين قد نقلوا جميعاً وليس في الحجرة إلا بضعة جنود من الألمان بين مهوم ونائم ومضطجع فأخذت مرسى ملابس جريس روزبري من مكانها الذي علقتها عنده لتجف وانثنت تريد الخميلة خارج الدار فالتقت عن الباب بجندي آخر فأرته الجواز وسألته إذا كان يفهم الفرنسية فأجاب أنه يعرف طرفاً منها فنفحته مرسى بقطعة من النقود وقالت إني ذاهبة لأجمع ملابسي المنشورة تحت الخميلة فهلا حرستني حتى أنتهي من جمعها.

وأدى الجندي التحية إشارة إلى أنه فهم غرضها. واختفت مرسى في صميم تلك الخميلة.

فلما ترك هوراس وحده مع الجراح ويتزل لاحظ أن الشيخ لا يزال منحنياً فوق جثة القتيلة يفحصها بدقة وأدب فقال هل من شيءٍ يستحق هذا الإهتمام في مقتل هذه المرأة. فأجابه الجراح الخشن الفظ وهو لا يزال مسترسلاً في فحصه ليس من شيءٍ يصح أن يكتب في الصحف. فسأله هوراس. إذن. فلا يهم إلا الأطباء. أليس كذلك قال في لهجته الخشنة الموحشة. نعم. لا يهم إلا الأطباء وأدرك هو رأس الغرض المختفي في هذا الجواب الخشن فغادر الحجرة من الباب المغضي إلى الفناء وظل ينتظر الفتاة الإنكليزية الحسناء كما قال خارج الدار. فلما ترك ويتزل لنفسه نظر حوله نظرة فاحصة وانثنى ففك أزرار قميص الفتاة ووضع يده اليسرى فوق قلبها ثم أخرج بيده الأخرى من جيب صداره سلاحاً دقيقاً من أسلحة الجراحة وتحسس به في رفق مكان الجرح ثم رفع به قطعة من عظمة الجمجمة المتهشمة ولبث ينتظر ما يكون.

وفي الحال صاح بفرح مخيف يخاطب الجثة الهامدة تحت يديه. وي! لقد قال الجراح الفرنسوي أنك ميتة فهل صدق يا عزيزتي. . . يا له من سخيف. الله لهذا الأحمق.

ورفع رأسه فصاح منادياً ماكس وإذ ذاك أزيح الستار فظهر شاب ألماني متبالد قد وضع فوق صدره منشفة طويلة ووقف ينتظر أوامر سيده.

قال ويتزل علي بجعبتي السوداء.

فلما اختفى الخادم أخذ الشيخ يهز نفسه من فرح ونشاط كما يفعل الكلب ويفرك راحتيه عن