طرفة عين ما لا يحبون أن لهم به من الدنيا ولا الدنيا كلها.
دخل بعض الفقراء على رشيد العباسي وتاجه يوم إذن سبيكة العصر الذهبي في تاريخ الإسلام والإسلام يومئذٍ ترتجف به دفتا الشرق والغرب وكأن الشمس والقمر يتلألآن عل أرجاء ملكه ذهباً وفضة، وكانت في يد الرشيد كأس ماء وقد رفعها إلى فمه فلما أبصر ذلك الملك الذي لا يملكه شيء أمسك ثم قال له عظني. قال أرايت يا أمير المؤمنين لو منعت عنك هذه الشربة التي في يدك أكنت تطلبها بكل ملكك؟ قال بلى. قال أفرأيت لو شربتها ثم امتنع خروجها منك أكنت تفتدي من عاقبة ذلك يا أمير المؤمنين ما قيمة ملك لا يساوي عند قدر الله شربة ولا. . . . ولا بولة!
كذلك يحاول الناس أن لا يخطئوا الرأي فيما يستحبونه أو يطمئنون به وكأنهم لذلك يحاولون أن لا يصيبوا الحق فيما يكرهونه أو ينفرون منه، فكلهم سواء في ابتغاء السعادة المتوهمة التي لا يستحيل أن تتفق ولكنها لا تتفق إذ يزيدها كل امرئ على غير ما يناسب تكوينه الإنساني. وهم بعد على سواء من خشية الفقر لا تبرح أوهامهم تنتجي بمعانيه وهمومه ثم لا تبرح تنمي بها حتى صار الفقر في أنفسهم غير الفقر في نفسه وقد علم الله أنه ما من لسان إلا وفي تكوينه معانٍ كثيرة منه.
لهذه القطعة بقية
مركز المرأة الإجتماعي
(٢)
من أحسن من نفسه الضعف لا يخجل من الدنايا، ومن تربى على الذل هانت عليه نفسه، ومن اعتاد احترام الغير له عزت نفسه عليه، واحترام النفس خير درع يقي الإنسان شر الخبث والرذيلة فإذا تربت البنت على الأنفة وإباء الضيم عميت عيناها عن السفاسف وغرست في أولادها مكارم الأخلاق، فخير حارس للآداب وأحسن شرطي يقي الناس الرذيلة هو احترام المرأة.
إن مصير الأمة بيد المرأة فلا تستصغروا شأنها وأقدروها حق قدرها أماً وبنتاً وزجة، وأنزلوها مكاناً رفيعاً من الإحترام ترده لكم في أنفسكم وتكافئكم عليه بطيب العيش ومكارم والأخلاق.