للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعامل الأوروبي امرأته معاملة حسنة يحترمها ويجل قدرها ولا يثقل عاتقها بالأشغال المتعبة. يحمل عنها حقيبتها في السفر ويساعدها على المشي وصعود القطار وهلم جراً، لا ينظر إليها بالعين التي يرمقها بها الشرقي، تؤاكل زوجها وتقاسمه الحياة ويستصحبها زوجها في النزهة وزيارة الأصدقاء ويستشيرها في مهام أعماله ويأتمنها على أسراره.

للمرأة أثر في تربية الأطفال أطيب من الرجل فإنها لشفقتها وحنانها تسوسهم من غير عنف. أما الرجل وخصوصاً إذا كان قوي العزيمة فإنه يبطش بإرادتهم ويسلبهم الثبات إذا تولى تربيتهم لا ينفك عن إعلاء إرادته ولو بالقوة فلا يدع لهم مجالاً كافياً لنمو إرادتهم، فيحسن بالآباء إذا أرادوا بأولادهم خيراً أن يعهدوا بتربيتهم إلى الأمهات ليقوين فيهم الإرادة والعزيمة باستكانتهن الأنثوية، ويكتفوا بالإشراف فلا يتدخلون إلا إذا خافوا جموح الطفل.

وهذا هو شأن معظم الأوروبيين فإن المرأة الأوروبية هي الآمرة الناهية في بيتها وأطفالها تدير شؤونها المنزلية على استقلال يحترمها أولادها ويطيعونها ويرجعون إليها في قضاء حاجياتهم ولكن لا تزال إلى الآن أقل قدراً من الرجل فإن الأوربي ولو أنه يحسن معاملتها إلا أنه لا يعدها مساوية له في الحقوق والكفاءة فلا يعتبر صنيعه معها احتراماً بمعنى الكلمة وإنما رأفةً بضعفها وإشفاقاً عليها. لو تطاولت إلى مقامه بعض ونازعته الحقوق والحرف المستأثر بها لظهر لها بثوبه الحقيقي مستخفاً بها وما برحت المرأة إلى يومنا هذا محرومة من معظم الحقوق السياسية وحجة القوم أنها أقل من الرجل علماً وقوة وإرادة، وتراها في وظائف الحكومة والأشغال التجارية والصناعية أقل مرتباً وأجراً من الرجل. والمرأة المتزوجة بمقتضى القانون الفرنساوي محرومة من بعض الحقوق المدنية ومحتم عليها أن تطبع زوجها.

أولع الناس بحب المقارنة في كل ما يحيط بهم من علم وأرض وسماء وأشخاص فيفضلون هذا على ذاك ويحكمون بتفوق عالم أو شاعر على آخر ويوازنون بين الرجل والمرأة فمنهم من يتحيز للمرأة فيرفعها على الرجل. والمقارنة توقع المرء في أغلاط كثيرة وتعميه عن كثير من الحقائق فإنها تحمله على أن يجرد المفضول من كل الصفات الموجودة لدى الفاضل. والحقيقة أن من الرجال من يشبه النساء خلقاً وذوقاً ومن النساء من هن رجال في أميالهن وصفاتهن فكم من رجل رقيق العواطف هين الخلق يحب الزينة