للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معسول، فرأت فيما يرى النائم أن فتى أزهى من الطاووس، وأبهى من العروس، قد أدني من أذنها لسانه الخلاب فقال يا أجمل الحسان وأملح الغوان، وموضع عناية الآلاف المؤلفة من الملائكة البراقة سكان الهواء إذا كنت قد آمنت مرة في طفولتك بما كان يرويه لك الحاضنات والقساوسة من رؤيا الجان والعفاريت السائحات في ظلال القمرآء - إذا كنت آمنت مرة بآياتهم الفضية ومناطقهم الخضراء، وبزيارات الملائكة الأطهار مراقد الأبكار، وعلى رؤوسهن (أعني الملائكة) تيجان الذهب وباقات الأزهار، إذا كنت آمنت مرة بذلك فاسمعي مني وصدقي! فاعرفي رفعتك وعلو قدرك ولا تقصري نظراتك على الشؤون الأرضية ولكن ارمي ببصرك العالم العلوي فلربما انكشف ثمت لأعين الأطفال والعذارى من محجبات الأسرار ما ليس ينكشف لغيرهم من الباذخين بالعلم والعرفان. فاسمعي الآن وحي حافظك الكريم وأنزليه من صدرك منزل اليقين، مهما كذب أولو الشك من حضنة العلم البارعين، فاعرفي حرسك الله أنك محفوفة بما لا يحصى ولا يعد من طاهرة الأرواح - كتائب الجو السراع الخفاف، وجيوشه المتكاثفة اللطاف، هذه وإن خفيت عن الأبصار فإنها أبداً طيارةٌ في الفضاء تغشى دار التمثيل فترنق فوق اللوج وتحوم حول المسرح. وأقسم لو رأيت حاشيتك وبطانتك من أولئك الأرواح لحقرت وصيفتيك التين تخدمانك، واعلمي أنا معشر الأرواح أو الملائكة قد كنا حيناً ما بشراً مثلك وكنا نتقمص بديع صورة المرأة ثم تحولنا بقدرة لطيف خبير عن المطية الترابية إلى مطية هوائية الجوهر. فلا تحسبي أنه بموت المرأة يموت زهوها وتيهها، فهي وإن هجرت لعب الورق بعد الوفاء، لكنها لا تزال تشرف على اللاعبين ولا يزال يبقى لها شديد ولوعها بالمركبات المذهبة ولعبة الباشكاه ذلك أن النساء بموتهن تستحيل أرواحهن إلى عناصرها الأول. فروح المشاغبة الصخابة النارية المزاج تصعد فتندمج في زمرة الزبانية. والروح الهادئة المطمئنة تنساب فتنغمس في القناة الجارية. حيث ترشف مع أترابها بنات الماء شاي الجن من أقداح خافية. وروح الماكرة تهبط في صورة عفريتةٍ فتسعى في جوانب الأرض بالشر وتمشي بالنميم كدأبها أيام حياتها. وروح المتظرفة المغناج تسمو على هيئة ملك فلا تزال تمرح وتعبث في مراتع الهواء.

واعلمي كذلك أن كل غادة طاهرة حصان لا يصيدها شرك الغواية ولا تحتلبها مصايد