للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأضاليل - تنقل بين شتى الأباطيل هذه القلب الذي لشدة امتلائه بالسفاسف كأنه حانوت الألاعيب. ذها السلوك يسميه الناس خفة ونزقاً. ضلة لهم ولجهلهم! إنه في الحقيقة قضاء من الجنة وتدبير.

قال العفريت. فأحد هؤلاء الجنة الحراس هو أنا - حافظك ورقيبك - واسمي آريل. فاعلمي أيتها الحسناء أني بينما كنت أطوف في صفاء السماء الصاحية قرب السحر نظرت في مرآة نجمك المشرق فرأيت في صحيفتها آية خطب مهدد وبلاء منذر يكون نزوله بك قبل مغرب شمس اليوم. ولكن ستر الغيب لم ينكشف عن كنه هذا الشر فلا أعرف ما هو ولا كيف يكون ولا أين. فتحرزي أيتها الغانية وحاذري. وتحذيري هذا يا غادتي هو كل ما أقدر عليه. فحاذري أيتها الحسناء وليكن معظم حذرك من الإنسان!

هنا ختم الحارس الأمين كلامه. ووثب الكلب فأيقظ الغادة سيدته فهبت من المنام وكان أول ما فتحت عليه عينيها هو صندوق مضمن رسائل الحب الواردة من ضروب عشاقها ففتحته وفضتها وما كاد طرفها يستوعب ما قد حوته هذه الرقع من الوجاع والأسقام والقرح والجراح والسحر والفتنة إلا وكانت قد نسيت رؤيا الملك الحافظ فلم يبق لها أدنى أثر في دماغها.

ثم تمشت الفتاة إلى المزدن (التواليت) حيث آنية الفضة مصفوفة. وأوعية البلور مرصوفة. وهنالك جلست الغادة وأقبلت تمتحن فضيلة كل دهان. وقوة كل طلاء. وتطالع في المرآة خيالها الفتان تقبل عليه وتصوب طرفها إليه. فكانت الناشطة جاثية بين أيدي ولاتها كأنها قسيسة هيكل الجمال بمحراب الحسن راكعة. ثم فتحت كنوزاً عدة وبدت للعيان تحف الأرض ونفائس الوجود مهداة لربة الجمال فأخذت الماشطة من كل صنف قبضة وزينت الفتاة بفنون شتى من الزخرف. فعلبة يتوهج بها لؤلؤ الهند اللامع. وجونة يفوح منها عطر دارين الساطع. وهنا تبصر السلحفاة والفيل قد مسخا أمشاطاً بين بيضاء ورقشاء، وصافية ورقطاء. وتبصر الدبابيس صفوفاً مشرقة والمداري سموطاً متألقة، هنا يلبس الجمال الرائع درعه ولامته ويتقلد الحسن سلاحه وشكته. وكلما ازدادت من الزينة ازداد جمالها شوكة وبأساً. وهي أثناء ذلك تثير كوامن المحاسن وتظهر مكنونات الفتن وتنقح من ابتساماتها. وترهف من نظراتها. والجنة الحراس في هذه الأثناء تحف الفتاة - قرة عيونها - فطائفة