للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مفهومة، ولا محسوسة، ولا يستطاع نقلها من أضعاف روحه أو كتابتها، ولهذا يجب أن يكون هناك آلة أخرى يستعين بها على إخراج الموسيقى الكامنة فيه.

وهناك أناس كثيرون يفيدوننا في توسيع معارفنا دون أن يشعروا، وهم يسمحون أن يستخدم جزءهم الجثماني في حمل الرسائل - وهم لا يشعرون ـمن أذهان غير أذهانهم، أما شخصيتهم فتظل في هذه الحالة معلقة أو معطلة أو في غيبوبة وذهول، بينما يظل جثمانهم وذهنهم عاملين نشيطين وهكذا تنتقل الرسائل بواسطتهم وهي تحوي معلومات لم يكونوا يعرفونها من قبل، ولا تترك بعد رجوع شخصيتهم أثراً في ذاكراتهم.

ونحن نسمي هذا الشخص المستخدم أداة لذهن غيره وسيطاً وهذا هو السبيل إلى مراسلة الموتى، ونحن نرى أن المعلومات التي تتلقى بهذه الواسطة تكون في أغلب الأحيان حوادث عائلية تافهة، لا تفيد الجميع ولكن حسبها أنها تثبت شخصية الشخص اللذين يراسلونه، ولا نعتقد أن المعلومات الهامة الخطيرة تفيد فائدة كبرى، لأنها إما أن تكون مستحيلة الإثبات، وإما أن تكون معروفة للناس من قبل، ولكن الذي يهم من هذه المعلومات هي المعلومات التافهة المنزلية لأنها تظهر شخصيات الموتى للأحياء المحزونين عليهم.

وأنا أشرح للناس أنواع الرسائل التي تتلقى من الموتى فمن هذه الرسائل ما يشرح الحقائق والمشاهدات التي ترى في العالم الآخر، كالحياة التي يعيشونها والمكان الذي يحوطهم، واهتمامهم بأحوال الأرض والصعوبة التي يجدونها في التراسل، ولكن هذه المخابرات لا يمكن أن تعرض في الكتب أو تنشر للناس لأنه ليس لدينا وسائل لفحصها والتأكد من صحتها، وحسبنا أن نقول أن هذه المخابرات تدور جميعاً حول نقطة واحدة، وهي أن الحياة هناك أشبه بحياتنا مما كان يظن المراسلون أو يتوقعون. وهم كثيراً ما يتكلمون عن الأزهار والحيوانات والكتب والجمال، ويؤكدون لنا أنهم لا يعرفون أكثر مما نعرف إلا الشيء النذر اليسير، وإنهم لم يتغيروا عنا في شيء كثير، ويقولون كذلك أن كل ما حولهم محسوس ملموس، وإن المادة التي كانت في الأرض أصبحت لديهم ظلاً مضمحلاً، ومن ثم لا يشعرون بما يجري في الأرض، إلا إذا وكل إليهم أن يعينوا الذين ينتقلون إليهم منها، وإلا إذا حاولوا أن يشرفوا على أحبابهم الذين تركوهم وصحابتهم الذين يعيشون بعدهم.

وأما الرسائل الأولى فلا تحوي شيئاً من هذا الوصف وهم لا يحاولون فيها إخبارنا بل