في تبليغ رسالة ربه فآمنوا به وصدقوه وقالوا إنا تركنا قومنا بينهم من العداوة ما بينهم فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل وهذا هو بدء الإسلام لأهل المدينة فلما كان العام المقبل جاء منهم اثنا عشر رجلاً الستة الأول خلا جابر بن عبد الله ومعهم معاذ بن الحارث بن رفاعة أخو عوف المتقدم وذكوان بن عبد القيس - وقد أقام ذكوان بمكة حتى هاجر إلى المدينة فيقال انه مهاجري أنصاري - وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة والعباس بن عبادة فاجتمعوا برسول الله عند العقبة قال عبادة بن الصامت فبايعناه بيعة النساء - وذلك قبل أن يفترض علينا الحرب - على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عذب وهذه هي العقبة الأولى فلما انصرف القوم عن رسول الله بعث إليهم مصعب بن عمير وعمرو بن أم كلثوم وأمرهما أن يقرآنهم القرآن ويعلمانهم الإسلام ويفقهانهم في الدين فنزلا على أسعد بن زرارة وطفقا يدعوان بقية الأوس والخزرج إلى الإسلام فأسلم على يديهما بشر كثير منهم أسيد بن الحضير وسعد بن معاذ وأسلم بإسلامهما يومئذ جميع بني عبد الأشهل وذاع الإسلام في المدينة وانتشر ثم رجع مصعب إلى مكة ووافى الموسم ذلك العام خلق كثير من الأوس والخزرج من المسلمين والمشركين وزعيم القوم البراء بن معرور فلما كانت ليلة العقبة وقد انقضى هزيع من الليل تسلل إلى رسول الله ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان قال كعب ابن مالك - وكان أحد هؤلاء - فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله حتى جاءنا معه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له فلما جلس كان العباس أول متكلم فقال يا معشر الخزرج - وكانت العرب تسمي الحي من الأنصار الخزرج خزرجها وأوسها - أن محمداً منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه فهو في عز من قومه ومنعة في بلده وأنه قد أبي إلا الانحياز اليكم واللحوق بكم إن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما علمتم من ذلك وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد بعد الخروج به اليكم فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده قال فقلنا له قد سمعنا ما قلت