للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بلاد العرب بحرها ووقدة شمسها وغرابة جوها، فلم يبق منهم حي غير نيبور هذا، وليس ذلك إلا لأنه عرف كيف يتحصن من الجو، ويأخذ لنفسه الحذر من أثر المناخ الغريب عن مناخه، إذ كان يرتدي اللباس العربي، ويتخذ الأثواب الملائمة لزي البلاد التي كان ينزل بها.

وفي هذا الكتاب شذوذ من التاريخ المعروف، والوصف الجغرافي العادي الذي نعرفه نحن أكثر من نيبور، ومن ثم قد آثرنا أن نمر بذلك مراً، ونتحاشى نقله، ونأخذ في كل ما يفيد القارئ، ويبعث على الفكاهة والغرابة.

بعد أن وصف الإسكندرية وآثارها القديمة المعروفة، استطرد يصف كنيسة الأقباط فقال وللأقباط كنيسة مقامة للقديس مرقس، وفيها قبره، ولكنها لا تفتح ولا تدخل، لأن بعض قساوسة الروم حاولوا أن يسلبوا رأس هذا القديس، وإن كنت أعلم أن أهل فينيسيا البندقية يدعون أن لديهم هذا الرأس المقدس. ولا أعرف أي الخبرين أصح وأقبل للتصديق، وقساوسة الكاثوليك يفخرون دائماً بأنهم استطاعوا أن يخدعوا العرب والأقباط بأن قطعوا الرأس وشحنوه في طرد سميك، ونجحوا في تسفيره بصفة طرد يحوي لحم خنزير. لأنهم عرفوا أنهم عندما يصفونه بأنه لحم خنزير لا يستطيع أن تدنوا منه الضباط الأتراك الموظفون في الجمرك، والأتراك يحرمون تصدير الجثث أو الموميات إلى الخارج، ولهذا كان من الصعب أن تنقل الجثث القديمة التي يعثر بها في أرض مصر، ولكن كانت الجمارك وشؤونها الكبرى إذ ذاك في أيدي اليهود، وبذلك استطعنا أن ننقل مومياء وجدناها في الإسكندرية على ظهر سفينة إيطالية، بعد أن رشونا عمال الجمارك، وحاولنا ترحيلها إلى أوروبا، ولكننا لم نلبث أن أعدناها على الرغم منا، لأن جميع البحارة الطليان في تلك السفينة هددونا بتركهم السفينة، إذا لم تقذف هذه المومياء بعيداً، إذ توقعوا أنها ستجر الشقاء عليهم.

وقد كانت الإسكندرية تستطيع أن تكون أحسن حالاً من حالها الحاضرة لو لم تنتابها النكبات والعوائق من كل سبيل، لأن أهل الإسكندرية يحملون استعداداً طبيعياً كبيراً للتجارة، ولكن تأثير الحكومة يحول دون ذلك، ولم ألتق في أسفاري ببلد أهله أعرف باللغات الأوروبية من أهل الإسكندرية بل إنهم ليحسنون التكلم بلغات شمال أوروبا كذلك،