للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جراحات الحياة ما إن تزل بطيئة البرء، وهموم هذه الدنيا متوانية الشفاء، فعليك إذن بالنسيان واطرد من روحك اسم هذه المرأة، وامح من صفحة نفسك أثر هذه الغادرة.

الشاعر

اللعنة عليك أيتها المرأة الأولى التي علمتني عذاب الهجر، ولقنتني نقيضة الخيانة والغدر. وذهبت بعقلي رعباً، وأطارت لبي حنقاً وغضباً، خزياً لك وعاراً يا ذات العين الظمياء التي قبر حبها المشؤوم فصل الربيع من حياتي - ودفن أيامي الحلوة الحسناء، يا من صوتها وابتسامتها ورنوتها الخادعة، ونظرتها الغاوية علمتني أن أذم السعادة، وألعن الراحة والهناء، ويا من شبابها ومفاتنها بعثتني على اليأس، إذا كنت الآن أشك في صدق الدموع وأستريب لغة العبرات، فذلك أني رأيتك تبكين وألفيتك تذرفين ماء الشؤون وتجهشين. خزياً وعاراً أيتها المرأة. إذ كنت أشد بلاهة من الطفل، وأنقى ذهناً من الوليد، وإذ كان فؤادي متفتحاً لحبك كالزهرة للفجر،. . . بعداً لك أيتها المرأة وضلة. . . أنت أم أحزاني وأنت والدة همومي أنت جعلت جفني للدموع عيناً وجعلت عيني للبكاء مصباً ومصدراً ولكن ثقي أنها الآن تسح وتنهمل، لا حاجز يحجزها، ولا مانع يكفكفها. إنها تخرج من جرح عميق لااندمال له، ولكني من هذه العين الثرة، والصدر المنهمر، والسيل السخين المر، سأغتسل الآن وأتطهر، ثم أنفض عني ذكراك المرعبة، وأنطلق من أثرك الكريه المرذول.

إلاهة الشعر

حسبك أيها الشاعر حسبك. إذا كان وهمك في هذه الخائنة لم يلبث إلا يوماً واحداً، فلا تفسده إذ تتكلم عنها، ولا تشنه إذ تنبئني نبأها.

أيها الشاعر، أحترم حبك إذا أردت أن تكون محبوباً وإذا عز على الضعف الإنساني أن يغفر عن الآلام التي نالته من غيره، ووقعت به عن يد سواء، إذن فأغن عن نفسك ألم الحقد، وتحرج من الضغينة.

وإذا لم تجد في نفسك القدرة على العفو والغفران. فاستقبل عنه العزاء والنسيان. إن الموتى يرقدون بسلام في جوف الأرض، ويضطجعون في أحشاء الغبراء، إذن فلترقد كذلك عواطفنا المنطفئة، وليدفن جبنا الخامد، فإن لرفات القلوب ترابها. ولأشلاء الأفئدة رغامها،