للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحي هذا خلق كثير حتى كادت تكون بينهم فتنة فلما أمسوا أذن له عمر في الإنصراف حتى إذا نام الناس وهدأوا تحمل جبلة بخيله ورواحله إلى الشام فأصبحت مكة وهي منهم بلاقع فلما انتهى إلى الشام تحمل في خمسمائة رجل من قومه حتى أتى القسطنطينية فدخل إلى هرقل فتنصر هو وقومه فسر هرقل بذلك جداً وظن أنه فتح من الفتوح عظيم وأقطعه حيث شاء وأجرى عليه من النزل ما شاء وجعله من محدثيه وسماره.

ثم أن عمر رضي الله عنه بدى له أن يكتب إلى هرقل يدعوه إلى الله جل وعز وإلى الإسلام ووجه غليه رجلاً من أصحابه وهو جثامة بن مساحق الكناني فلما انتهى إليه الرجل بكتاب عمر أجاب إلى كل شيء سوى الإسلام فلما أراد الرسول الإنصراف قال له هرقل هل رأيت ابن عمك الذي جاءنا راغباً في ديننا قال لا قال فألقه قال الرجل فتوجهت إليه فلما انتهيت إلى بابه رأيت من البهجة والحسن والسرور ما لم أرى بباب هرقل مثله فلما أدخلت عليه إذا هو في بهو عظيم وفيه من التصاوير ما لا أحسن وصفه وإذا هو جالس على سرير من قوارير قوائمه أربعة أسد من ذهب وإذا هو رجل أصهب ذو سبال وعثنون وقد أمر بمجلسه فاستقبل به وجه الشمس فما بين يديه من آنية الذهب والفضة يلوح فما رأيت أحسن منه فلما سلمت رد السلام ورحب بي وألطفني ولامني على ترك النزول عنده ثم أقعدني على شيء لم أثبته فإذا هو كرسي من ذهب فانحدرت عنه فقال مالك فقلت إنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا فقال جبلة أيضاً مثل قولي في النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكرته وصلى عليه ثم قال يا هذا إنك إذا طهرت قلبك لم يضرك ما لبسته ولا ما جلست عليه ثم سألني عن الناس وألح في السؤال عن عمر ثم جعل يفكر حتى رأيت الحزن في وجهه فقلت ما يمنعك من الرجوع إلى قومك والإسلام قال أبعد الذي قد كان قلت قد ارتد الأشعث من قيس ومنعهم الزكاة وضربهم بالسيف ثم رجع إلى الإسلام فتحدثنا ملياً ثم أومأ إلى غلامٍ على رأسه فولى يحضر فما كانت إلا هنيهة حتى أقبلت الأخونة يحملها الرجال فوضعت وجيء بخوان من ذهب فوضع أمامي فاستعفيت منه فوضع أمامي خوان خليج وجامات قوارير وأديرت الخمر فاستعفيت منها فلما فرغنا دعى بكأس من ذهب فشرب منه خمساً عدداً ثم أومأ إلى غلام فولى يحضر فما شعرت إلا بعشر جوار يتكسرن في الحلى فقعد خمس عن يمينه وخمس عن شماله ثم سمعت وسوسة