للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإقبال القراء على اقتنائه وتهافتهم عليه حتى نفذت نسخ الطبعة الأولى في بضعة أسابيع كل ذلك يدل على أن هذا الكتاب جاء في الوقت المناسب وأنه قضى حاجة كانت في نفس الجمهور المستنير.

ونحن نقدم خالص شكرنا إلى من كتبوا إلينا في هذا الصدد ولاسيما طلاب الحقوق والطب ولقد أيدت رسائلهم ما كشفنا عنه النقاب في الفصل الأول من الباب الخامس. غير أن كثيرين منهم اعترضوا علينا في سوء ظننا بالشبان وقالوا إن الشبان ما برحوا يعرفون مزية الجد والعمل ومالهما من الآثار الجلية.

ولكن ما أبعد المسافة بين القول والعمل ويلوح لي أن الشبان كثيراً ما يخلطون بين القلق والإضطراب والضجيج وبين العمل النافع المثمر الذي قوامه الإفتكار والإبتكار. وزعم بعض الذين كتبوا إلى أن الشطر الأعظم من شبان هذه الأيام قد تملك فؤادهم حب الموسيقى نوعان من أمراض الإرادة يجب المبادرة إلى علاج الشبان حتى يبرأوا منهما ويتقوا غوائلهما.

أما القسم العلمي من كتابنا هذا فلم يصادف نقداً ولا اعتراضاً بل قوبل بالثناء والإطراء. وليس الأمر كذلك فيما ارتأيناه في الفصل الثالث من الباب الأول والفصل الأول من الباب الثاني فقد كنا نتوقع نقداً شديداً لما دوناه فيهما من الآراء ولكنا وجدنا أن أكثر هذه الإنتقادات غير وجيهة لم تنل من تلك الآراء.

لأننا لم نقصد إثبات أن الأفكار ليس لها أدنى سلطان أو تأثير على الإرادة. لأنا وإن كنا ارتأينا أن للدوافع الغريزية والعادات السلطان الأكبر على الحركات الإرادية بيد أنا قلنا أن الإرادة في أرقى أشكالها إنما تكون بجعل أميال الإنسان خاضعة لأفكاره صادعة بأوامرها وأثبتنا من جهة أخرى أن ليس للفكرة من تأثير على مزيج الشهوات والأميال الحيوانية المنحطة بحيث تتسلط عليها وتكبح جماحها حالاً ومن غير واسطة. وأن قوة الفكرة أمام أعداء أشداء أقوياء الشكيمة كهؤلاء الأعداء لا بد أن نستمدها من مواطنها وهي مشاعر النفس وإحساساتها.

ولقد كنا نظن أن أصحاب مذهب حرية الإختيار سوف يعترضون أشد الإعتراض على ما ارتيأناه في الحرية وكنا نتوقع أن تقوم قيامتهم على هذه الآراء فإذا بنا نرى أصحاب القول