للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعطف عليه فؤادها وهي الفخر الذي كانت تحسه اللادي جانيت للذكر المتطاول الذي أحرزه ابن أختها الشاب في عالم الكتابة والوعظ الديني، وكان جوليان بعد ذلك لطيف الدعابة فياض الحديث حلو الأماليح حتى لقد كان ذلك ينسيها إذا لقيته كرهها مبادئه.

لذلك لا عجب إذا كانت اللادي جانيت قد اندهشت وبدا عليها الإهتمام من أمر السيدة الغريبة التي ذكرها ابن أختها في كتابه. إذن فهل أجمع على تغيير حياته. وهل تخير له عروساً. وإذا كان ذلك فهل يكون اختياره يلائم مكانة الأسرة.

فلما خطر هذا السؤال الأخير بذهنها ظهر على وجهها المشرق إمارات الشك إذ ذكرت أن آراء جوليان الحرة المتطرفة قد تؤدي به إلى الغلو والخروج عن حدود الأسرة وآدابها ونهضت اللادي جانيت عن المنضدة وهي تهز رأسها عن ريب وتشاؤم وتقدمت إلى باب المكتبة ولكنها لم تكد تخطو خطوتين حتى عادت إلى وصيفتها وقالت إنني ذاهبة لأكتب كلمة إلى ابن أختي وسأعود قريباً يا عزيزتي فدنت مرسى منها متعجبة وهي تقول ابن أختك إن مولاتي لم تذكر يوماً أن لها ابن أخت.

وهنا ضحكت اللادي جانيت وقالت: ولكن لا ريب في اسمه كثيراً على لساني وكنت ولا شك كثيراً ما أردت أن أنبئك به. ولكن كانت تنسينيه شجون الأحاديث التي كنا نأخذ فيها. ثم الحق أقول أن ابن أختي ليس من الموضوعات التي أحبها. لا أريد بذلك أني أكرهه. كلا. يا طفلتي وإنما أمقت مبادئه فقط ومع ذلك سترين فيه رأيك بنفسك فهو قادم اليوم لزيارتنا. . . انتظري هنا ريثما أعود فإن عندي ما أقوله لك عن هوراس.

ففتحت لها مرسى باب المكتبة ثم أغلقته وراءها وعادت تخطر في الغرفة ذهاباً وجيئةً وهي تفكر.

هل كانت في ابن أخت اللادي جانيت. كلا. إن مولاتها لم تذكر اسمه. إنها لا تزال على جهلها بأن ذلك الواعظ الذي وعظهن في الملجأ وابن أخت المرأة المحسنة إليها هما رجل واحد. وإنما كانت تفكر في الكلمات التي طلعت بها عليها مولاتها في أول الحديث إني أحمد اليوم الذي جئتني فيه يا جريس كانت هذه الكلمات بلسماً لفؤادها الجريح. إن جريس الحقيقية ما كانت لتحرز أكثر من هذا المديح الحلو المغسول لو أنها جاءت، ولكنها لم تلبث أن تولاها رعب مخيف لذكرى خدعتها التي نجحت. ولم تشعر من قبل بما شعرت به في