تلك اللحظة من الإحتقار والضعة والتأنيب، يالله لو أنها استطاعت أن تفوح بالحقيقة. . . وآطرباه لو أنها استطاعت أن تعيش على حقيقتها في دار مابلثورب. ما كان يومذاك أسعدها. وأبهج حياتها. . هل يحتج لها إخلاصها إذا هي اعترفت. هل ترى حسن سلوكها يتشفع لها إذا هي باحت. كلا. واحزناه. إنها لم تنل مكانها من عطف مولاتها وحبها إلا بخدعة. إذن فلا شفاعة للخدعة ولا معاذير.
وهنا أخرجت منديلها فكفكفت به عبرتين انحدرتا على وجنتيها وحاولت أن تعود بذهنها إلى ناحية أخرى.
ماذا قالت اللادي جانيت عندما خرجت إلى المكتبة قالت أنها ستعود لتكلمها عن هوراس، ويلاه. كيف تستطيع أن تواجه هذه النكبة الأخرى، بحق السموات كيف تخرج منها. أتدع الرجل الذي أحبها يندفع معصوب العين إلى الزواج بامرأة مثلها. كلا. إن الواجب يقضي عليها أن تنبئه ولكن كيف؟ أتجرح فؤاده وتمر عليه عيشه وترسل الأسى في ثنايا روحه إذا هي قالت له عن حقيقتها، وإذ ذاك صاحت باكية. كلا. لا أستطيع أن أنبئه. لا أستطيع.
ومضت فجلست فوق المنضدة ودفنت وجهها في راحتيها وقد تولاها اليأس ثم ختمت نزاع ضميرها كما ختمته من قبل فقالت. ضلة لي. ليتني مت قبل أن تطأ قدمي وصيد هذه الدار. وليتني أموت الآن فيموت معي كل شيء،
وفتح الباب المؤدي إلى قاعة البليارد برفق. وكان هوراس منتظراً هناك ليسمع ما يكون من شفاعة اللادي جانيت ولكن أضناه الإنتظار فلم يستطع أن يمكث أكثر مما مكث.
فأطل من الباب بكل لطف وهدوء. متهيئاً للرجوع إذا وجدهما لا يزالان يتحدثان ودله انصراف اللادي جانيت على أن الحديث قد انتهى. إذن فلماذا لبثت خطيبته وحدها؟ أتنتظره أتكلمه عند عودته؟
فتقدم بضع خطوات. وكانت هي في مكانها لم تتحرك. تائهة اللب شاردة الخاطر. ممعنة في تفكيرها. أتراها تفكر فيه، فتقدم خطوة أخرى ثم ناداها جريس!
فاستوت واقفة وقد خرجت من بين شفتيها صحية خافتة وقالت مغضبة وهي تسقط ثانيةً في مقعدها إني أود أن لا تزعجني. إن أقل إزعاجة تقتلني.
فاعتذر هوراس متذللاً ذلة المحب المتدله ولكن اعتذاره لم يستطع أن يسكن ثائر غضبها،