للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأشاحت عنه بوجهها في سكوت وصمت. فجلس بجانبها وسألها بكل رقة ولطف عما إذا كانت رأت اللادي جانيت

فأطرقت برأسها إطراقة الإيجاب دون أن تنبس ببنت شفة. وكان هوراس فتى في حرارة الشبيبة فلم يطق احتمال الإنتظار ولذلك عاد يسألها دون أن يدرك شيئاً من اضطرابها وهل ذكرت اللادي جانيت اسمي أمامك؟

فالتفتت إليه بغضب فقالت بحدة قبل أن يزيد على ما قاله كلمة واحدة لقد حاولت أن تجعلها تحثني على الزواج بك. إني أرى ذلك في وجهك.

ولو كان هوراس رجلاً دقيق البصر لأدرك أن الوقت لا يلائم التحدث إلى خ

خطيبته، لكنه لم يدرك ذلك فاستطرد يقول بلطف لا تغضبي وهل يعد ذنباً دون المغفرة إذا أنا وسطت اللادي جانيت؟ لقد حاولت أنا أن حضك فلم أفلح ثم حاولت والدتي وشقيقتاي أن يقنعنك فما أعطيتهن إلا أذناً غير واعية. . . .

وإلى هنا لم تستطع أن تحتمل فضربت برجلها الأرض ضربة هستيرية وصاحت قائلة بحدة وخشونة لقد سئمت من طول ذكرك والدتك وشقيقتيك وما فتئت تتكلم عن شيء روح غيرته ذكرتهن.

فأغضب ذلك هوراس فنهض عن المتكأ وكانت والدته وشقيقتاه في أكبر منزلة في قلبه بل لقد كن لديه المثل الأعلى لنساء الأرض جميعاً ومشى مبتعداً فوقف في الناحية المقابلة من القاعة وراح يرسل إلى حبيبته أكبر تأنيب استطاعه في ذلك الموطن.

قال: لكان يحسن بك يا جريس لو أنت استطعت أن تقتدي بوالدتي وشقيقتي فإنهن لم يعتدن أن يخاطبن من يحببن بخشونة وقسوة.

ولكن هذا التأنيب لم يحدث في الفتاة المنزعجة شيئاً من التأثير أو الإهتمام وظلت كأنما لم تبلغ كلماته مسمعيها. كان يثور فيها الآن روح محزونة تترد وتغضب كلما عمد هوراس إلى تمجيد نسوة عشيرته. جعلت تناجي نفسها فتقول يغضبني أن أسمع بفضائل النساء اللاتي لم يسقطن. أي فضيلة للعيش في ظل الشرف إذا كانت الحياة تبتسم لهن وتحبوهن بسلسلة متلاحقة غير منقطعة من المناعم والمباهج ومطارف الدنيا ومتاعها؟ هل عرؤفت أمه مرارة المسغية والجوع؟ وهل تركت شقيقتاه منبوذتين في الشوارع طريدتين؟