للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد هوراس إلى إلحاحه ففتح موضوع التأجيل فلم يكد يتكلم حتى تراجعت الفتاة منصرفة بحزن هذه المرة لا عن غضب.

قالت لا تلح علي اليوم. إني مريضة.

فنهض ونظر إليها نظرة شغف وصبابة وقال إذن فهل نتكلم غداً؟

فرجعت إلى مجلسها عند المتكأ ثم قالت: نعم غداً. وعمدت إلى تغيير شعاب الحديث وقالت: أي شيء آخر اللادي جانيت. لقد طال غيابها. فحاول هوراس أن يظهر اهتمامه بسؤالها عن غياب اللادي جانيت فقال وقد أخذ له مكاناً وراء المتكأ وهو يحنو عليها.

وما الذي جعلها تتركك؟

فأجابت أنها ذهبت إلى حجرة المكتبة لتكتب كلمة إلى ابن أختها. وعلى ذكر ذلك من هو ابن أختها؟

فأخذت هوراس الدهشة فقال. ماذا؟ ألا تعرفينه. فأجابت - كلا. ومن يكون.

قال هوراس. ولكنك سمعت ولا ريب أن ابن أخت اللادي جانيت ذائع الصيت.

وهنا تمهل قليلاً ثم انحنى فرفع خصلة من شعرها وأدناها إلى شفتيه واستطرد يقول في رفق إن ابن أخت اللادي جانيت هو جوليان جراي!!.

فنظرت إليه عن رعب شديد كأنها لم تصدق أذنها فتملك هوراس العجب وقال. ما هذا الإنزعاج يا عزيزتي. فأشارت إليه بالصمت وراحت تكرر لنفسها في خفوت جوليان جراي هو ابن اللادي جانيت وأنا لا أعرف ذلك إلى الآن.

فسألها هوراس وقد ازدادت حيرته وماذا يزعجك يا عزيزتي من معرفته.

فاستجمعت قواها بجهد شديد، وتضاحكت ضحكة خشنة قلقة جوفاء، وأسكنته بأن وضعت راحتها فوق فمه، وانطلقت تقول بمجون أي حماقة منك وأي جنون، كأن المستر جوليان جراي دخلا في نظراتي. أنظر ها أنا قد تعافيت. وهنا نظرت إليه ثانية في ابتهاج مضطرب وعادت إلى الحديث قائلة أجل. إني ولا ريب قد سمعت عن الرجل. ولكن هل تعلم أنه قادم اليوم.

إني لا أستطيع أن أكلمك وأنت في موقفك هذا. تعال واجلس.

فأطاع - ولكنه لا يزال غير مقتنع بما قالت، ولم تفارق وجهه بعد إمارات القلق والدهشة،