للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أرسلت إلينا خادمك العربي وهو ممتط صهوة جواده لبعثتنا على أن نتصور هذه الصورة.

ودخلنا حجرة دافئة ساطعة النور، تثير بأثاثها الأحمر اللون، ورياشها الناضرة روح البهجة في النفس والأنس في بهرة هذه الوحشة الصامتة.

ومكثت إذ ذاك أرقب مطلع الملكة، فلم أكد أجلس في الحجرة مجلسي حتى لمحت هناك على مقعدين صندوقاً طويلاً صغير الحجم، وقرأت فوقه بعض أحرف يابانية.

وكان الضابط يتبع بنظراته نظراتي، ويلمح مني دهشتي، فلم ين أن قال إن هذا الذي ترى أمامك سيف قديم أرسلته اليابان منذ قليل إلى جلالة الملك!.

وقد كنت قد نسيت اليابان واليابانيين، أولئك الحلفاء الرابضين في أقصى الشرق، ولكني الآن ذكرت أنهم حقاً في صفنا، ويدهم في أيدينا، ما أغرب ذلك وما أعجب، وعلمت الآن أن النكبة التي وقعت بالملك وزوجه، والأحزان التي نزلت بساحة هذا البلاط، قد وصلت أنباؤها إلى مسمع ذلك البلد الأقصى، والمملكة المتباعدة، فلم يسعها إلا أن تظهر إعجابها للملك المحزون الأبي فأرسلت إليه سيفاً!!

وكان الضابط يوشك أن يقوم للصندوقة فيخرج منها السيف ليريني غراره، ويطلعني على صنعه ودقة الفن الياباني الذي ركب به، ولكن دخلت في تلك اللحظة سيدة من الوصائف، فأعلنت مقدم الملكة.

ولم أكن رأيت هذه الملكة من قبل وقد أكبرتها الآلام في خاطري، وعظم جلالها من أثر الأحزان التي نالتها، فجلست أرتقب مطلعها بلهف شديد، واضطراب عظيم، وأنا واقف هناك أمام الموقدة بينا الرياح والجليد والأمطار تعزف خارج الدار في بهرة ذلك الليل الصامت، وجعلت أسائل نفسي من أي الأبواب ستدخل، ثم لم ألبث أن أجبت نفسي بأنها ولا ريب ستقدم من ذلك الباب الذي أمامي في نهاية الحجرة، فاستقرت عيناي عليه لا تبرحانه.

لكن كلا، فإنني لم أنِ أن التفتّ ورائي على حفيف ثوب ناعم صوب الجانب الآخر من القاعة، وإذ بحجاب من الحرير الأحمر يخفي وراءه باباً صغيراً قد هتك، ومن خلاله بدت الملكة عن كثب مني حتى لم أجد الوقت الكافي لأقدم لتحيتها الانحناءة البلاطية.

وكان الأثر الأول الذي وقع في فؤادي من رؤيتها ليس إلا تأثيراً مضطرباً، أو إن شئت