للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم تسألني هيلين كلمة واحدة عن تاجر النبيذ، ولم أجد لدي من الشجاعة ما يبعثني على القول والكذب إزاء تينكما العينين الزرقاوين النافذتي البصر، ومضى اليوم في سكون دون حادث وعاد زوجي وجلسنا حول المائدة للعشاء، وكان مشرق الوجه، متهلل المعارف، فرحاً برؤية فتاته بجانبه، وكان يظنها قد انطلقت إلى المدرسة.

فما بلغنا من العشاء إلى صحاف النقل والفاكهة، أنشأ يقول وهو يقشر قطعة من الكمثرى: ألم يحضر أحد هذا المساء في غيابي

وإذ ذاك اصفر لوني وتراخت قوتي وأردت الكلام فاحتبست الألفاظ بين شفتي واختنق صوتي فلم أستطع تلفظاً، ولكنني لم ألبث أن أفقت من الغشية على صوت هيلين وهي تقول لأبيها، في أتم الهدوء.

كلا، يا أبت لم يحضر أحد

فنظرت إليها وإذ ذاك تلاقت العينان بالعينين، وإذا بي ألمح عينيها يبتسمان لي، وتبينت فيهما هذا المعنى لا تخشي يا أماه شيئاً إنني معك.

لم يأخذ النوم عيني طوال الليل، ولم يغمض لي جفن، وثار الاشمئزاز بنفسي من نفسي، وعلمت أنني قد عوقبت أشد العقاب، إذ رأيت هذه الطفلة قد حذرت، ولا ريب أنها قد حذرت منذ زمن - عار أمها، وأنها قد تعلمت الخداع أسوة بوالدتها وأجادت الكذب لأجلي، بل أصبحت فيه أمهر مني وأوسع فطنة وحذقاً. . . . .!