للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويجب أن تكون سلامة العقل والجسم هي القانون الأول الذي ينبغي أن يسود في مناحي الحياة وأصولها الأولية، فينبغي أن تسود في الزواج وفي العلم والدين والتربية.

ونحن نعلم أن الزواج الحاضر في الإنسانية لا يقوم على قاعدة صحيحة، ولا ينهض على شيء من الشروط الهامة لاتفاق روحين على تكوين أرواح أخرى، وكثيراً ما كان الزواج في الإنسانية الحاضرة هو سلسلة جرائم وجنايات نكراء وهو الذي جعل العالم حافلاً بالمجانين والمرضى والمشوهين والضعفاء، لأن هناك قواعد بينة في الصحة أغفلها الناس وأنكروها ورضوا بأن تكون عقود الزواج هي الشرط الأول فقط لصحته ونسوا النظر إلى الزواج من الوجهة الصحية والنفسانية، وذلك اتباعاً للرياء الاجتماعي الذي نحمله في كل فروع الحياة، وللتقاليد التي لا نستطيع انحرافاً عنها، ولو استبان باطلها ووضح فسادها، بل لعل كثيرين من قواد هذه الحرب المدهشة إنما اندفعوا وراء لوثتهم هذه من أثر نزعة مجنونة استحرت في أذهانهم وورثوها من زواج لم تراع فيه القواعد الصحية، وأمراض عصبية أصابتهم من الإصلاب التي انحدروا منها، فإذا كانت الإنسانية تريد أن تكون شعوباً عاقلة وحكاماً وملوكاً وقواداً عقلاء سليمي النفوس فيجب أن تعمل على أن تحتفظ بالنظام والتعقل في تربية الأطفال وتهذيبهم، وتسير على قوانين الصحة والشروط الواجبة لتربية الذهن والأعصاب، لأن كل جريمة ليست إلا نزعة من نزعات الجنون ولا يرتضي أي عقل منظم سليم أن يتصور قتل نفس زكية واحدة فضلاً عن حصد ملايين من النفوس.

ولقد رأينا جمعاً من سادة العلم توفروا على ابتكار الأساليب المتعددة من المخترعات ومتابعة قوانين الطبيعة إلى أبعد حدودها لإنقاذ الحياة الإنسانية من ويلات المرض والضعف والمهلكات، ولكنا لا نزال نرى الفريق المجنون من العلماء يحشدون كل ذكائهم وكفاءاتهم للوصول إلى ابتكار وسائل جديدة من أسلحة الحرب لإبادة الحياة والصحف اليوم في دول الغرب المسهمة في المجزرة تصيح اليوم جازعة من قلة عدد المواليد ولعل هذه الصرخة الجازعة أنكر ما وصل إلى المسمع من المناقضات المخيفة الأليمة لأن الدعوة إلى إخراج جموع من القطع الإنسانية الصغيرة في الوقت الذي يدأب الناس فيه على إخراج جموع كبرى من المدافع والمهلكات ليست إلا إهانة عظيمة للأمهات المحزونات والثكالى الحادات، إذ لماذا يجب أن تلد الأمهات وتربي الوالدات، لكي يلقى أبناؤهن منونهم