للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشركني في هذا العمل غيرة منه على البيان واحتفاظاً به وخشية أن يصيبه لا سمح الله ما يلتاث معه أمره - كلمة هي عنوان الوفاء والنبل والإخلاص - قال حفظه الله:

الكتاب والشعراء هم عندي أنبياء هذه العصور، وما الكتب والمطبوعات النافعة إلا معابد متنقلة - معابد يجتلي فيها القارئون أسرار هذا الوجود وسر عظمة مبدعه، وليس بخاف أن المجلات والجرائد اليوم قوة لا يستهان بها، قوة لها أكبر الأثر في الجماعات والشعوب - فلا صولة الملوك، ولا سطوة الجيوش، ولا فعل القوانين ببالغة شيئاً لقاء هذه القوة التي يصل لنا أن نسميها قوة القوى، وبقدر نصيب الأمة من الحضارة والتمدين يكون تأثير صحافتها ومكانة كتابها وأدبائها.

ونحن إذا ألقينا نظرة على أدبائنا والمفكرين فينا وجدنا حالهم مما يؤسف له، وجدنا أمتنا المحبوبة مهملة شأنهم معرضة عنهم غافلة عن قيمتهم وتقديرهم وتقدير ما يعانون، ويمين الله لأهون عندي أن أمسك الفأس أحفر بها الأرض تحت حرارة الشمس شهراً كاملاً من أن أتناول القلم أخط به مقالاً في ساعة أو ساعتين أجهد فيهما ذهني وأعتصر أعصابي واحترق دمي ثم لا أحظى بعد ذلك كله بطائل، فليت شعري ماذا يلاقي أولئك الذين وقفوا حياتهم على الكتابة والوضع والتأليف ووصلوا الليل بالنهار، وضحوا كل مرتخص وغال في سبيل خدمة الأمة، وما هو جزاؤهم منها وماذا بعد ذلك؟ إن أمثال هؤلاء العاملين إما أن يكونوا من طينة غير طينة الناس العاديين.

ناجي أفندي البرقوقي هو شقيق الدكتور عبده البرقوقي وابن المرحوم الشيخ عبد الله البرقوقي ابن عم صاحب هذه المجلة - شاب فاضل مهذب حصل على الشهادة الابتدائية وتلقى جميع دروس القسم الثانوي - ثم حبب إليه أن ينقطع لثروة أبيه يديرها وينميها ولم يهمل مع ذلك واجبات الذهن فلا يكاد يمر عليه يوم دون أن يقرأ ويطالع ويدارس، فنعم الشاب هو.

فهم سائرون في طريقهم بقوة غير عادية فلا يثني عزائمهم ثان، وهذا ما لا يدركه تصوري، وإما هم - إذا نحن استرسلنا في غفلتنا عنهم وتركنا حبالهم على غواربهم - صائرون إلى اليأس والانثناء والخمود ضرورة أنهم بشر مثلنا وإذ ذاك نردد قول أبي العلاء المعرّي: