للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يستيقظ.

ورأيت رجلاً أشيب تلوح عليه مخائل الذكاء، يرتب بضعة ضباب في تابوت قريب من تابوتي، فلما لمحني دنا مني ورفع الغطاء عني وهو يقول ماذا حدث، هل أزعجك شيء.

قلت - كلا، هذه عادتي عندما أفيق من النوم، بعد تعب شديد، وسبات ولكن في أي قرن نحن الآن؟.

فأجاب الرجل - نحن في القرن التاسع والعشرين، وقد نمت ألف سنة!

قلت - لا ضرر عليّ من ذلك، فقد شبعت من النوم، وليس أعز لديّ من إخراج كل مادة النوم التي كانت مختزنة في أعصابي وبدني.

ولم أكد أتم القول حتى قفزت من التابوت.

فأنشأ الرجل يقول وقد لمحني وأنا أشتمل بأثوابي وكانت موضوعة في التابوت بجانبي أظن أنك كالعادة ستطلب إليّ أن أجول جولة معك في المدينة، وأشرح لك التغييرات التي طرأت عليها، وتنطلق تسألني أسئلة طائشة، وتبدي أموراً ودهشات سخيفة.

قلت - هو ذلك، وهذا ما يجب عليّ أن أفعل. .

فتمتم يقول: ليكن ما تريد، هلم بنا إلى التجوال، ومشى أمامي يدلني على الطريق.

فلما نزلنا السلم رحت أقول - أبخير الآن؟

قال - أي شيء بخير تعني؟

أجبت - الدنيا، فقد كان جماعة من أصحابي يفكرون قبل أن يضرب الله على أذني ويرسل النوم إلى عينيّ في أن يفكوا القطع المركبة منها ماكينة الدنيا، فيركبوها كما يجب، فهل استطاعوا تصليحها الآن، هل الناس متساوون اليوم، وهل انتهى عهد الآلام والأحزان وأشباهها؟

فأجاب دليلي، نعم بالتأكيد، وستجد كل شيء الآن بخير، لقد اشتغلنا كثيراً وأنت نائم، ويمكنني أن أقول لك أن الدنيا قد تحسنت الآن. .

وانطلقنا نسير في مناكب المدينة، فإذا بها آية النظافة والسكون وإذا الطرق متشعبة بعضها من بعض على شكل زوايا قوائم وعلى نظام واحد، وطريقة مفردة، ولم أجد بها من جياد ولا مركبات، بل تسير حركة الطرق فيها بالكهرباء، وكان جميع الناس الذي تمر بهم على