للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سمت واحد، وغرار متساوٍ حتى ليخيل للرائي أنهم أهل عشيرة واحدة وكان الجميع يرتدون كدليلي سراويل سوداء، وسترة سوداء كذلك تمتد حتى العنق ولها منطقة في خصرها وكل رجل منهم حليق اللحية والذقن، والكل سود الشعر فحمه.

قلت لصاحبي - أيكون هؤلاء الناس جميعاً توائم؟

فصاح الرجل: أتقول توائم؟ لك الله من ماجن، كلا، كلا، وماذا بعثك على هذا الظن؟

قلت: وكيف لا والجميع متشابهون، وكلهم سود الشعور، فأجاب الدليل: هذا هو اللون الرسمي القانوني للشعر، إذ ينبغي أن يكون الجميع كذلك، فإذا ولد رجل بطبيعته غير ذلك فعليه أن يصبغه صبغة سوداء.

قلت - ولماذا؟

فأجاب الرجل - وفي لهجته دليل الغضب والاهتياج من كثرة أسئلتي، أتسألني لماذا، لقد كنت أظن أنك قد أدركت أن الناس قد أصبحوا الآن متساوين، فماذا لعمرك الله يكون مصير مساواتنا إذا سمحنا لرجل أو امرأة أن تخطر بيننا إعجاباً وإلالاً بشعر ذهبي إزاء آخر بشعر كلون الجزرة، فنحن بإكراهنا الجميع نساء ورجالاً على أن يكونوا حليقين وأن يكونوا سود الشعور وأن تكون شعورهم متساوية الطول، نصلح بعض أغلاط الطبيعة.

قلت: ولم اخترتم اللون الأسود؟

فأجاب بأنه لا يعرف السبب ولكنه اللون الذي أقروا عليه.

قلت: ومن الذي أقر عليه؟

فرفع الرجل قبعته وحسر عن رأسه وأطرق بعينيه خاشعاً كأنه في موقف من مواقف التسبيح والعبادة، وقال: الأغلبية!.

وانطلقنا حتى إذا بلغنا جمعاً كثيراً من الرجال، أنشأت أقول: ألا يوجد في هذا البلد نساء؟.

فأجاب الرجل وهو في أشد الدهشة: أتقول نساء، بلا ريب، لقد مر بنا مئات منهن. . .

قلت: يلوح لي أنني أعرف النساء إذا أنا لمحتهن، ولكني لا أذكر أنني أبصرت امرأة واحدة في طريقي. . .

قال: وهو يشير إلى شخصين يمشيان على مقربة منا، وهما في الثوب العادي، السراويل والسترات السوداء انظر هاك امرأتين تسيران هناك!.