للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنه لا يستطيع أن يمسكهم عن الكلام، بل ما فتئت كلماته حديث الجند يتذاكرونه، وقصص الجيش يتبادلونه، ومنها يستمدون الصبر على البلاء، والاطمئنان إلى الاستماتة، والرضى بالمكاره، إذ يقولون نحنفي أمن وسلام ما دام فوش معنا!.

ونحن ننقل إلى الناس كلمة بليغة مبكية من الكلم الروائع التي فاه بها منذ ارتفع إلى قيادة الجيوش.

قال أواه إنكم لا تعرفون الألم الذي يعانيه والد إذ تنزل الأحزان بساحته إلى الأبد، لقد استشهد فتاي، وأصبحت إحدى بناتي أرمل، وسأعود إلى داري التي تركتها مفعمة بالهناء في يوم صائف جميل فأجدها تضج بنشيج أطفال يتامى لم يعرفوا أباهم، ولم يشهدوا وجهه، لقد أدركت اليوم فخر حياتي وأراني كنت خادماً أميناً لا طماعية لنفسه في غير رضي ربه، ولست وحدي في هذا المصاب، بل هناك ألوف وألوف من الآباء والشيوخ فقدوا جميع أحبابهم وفلذات الأكباد التي كانت أمنياتهم، ولكن لا حق لنا نملك في الشفقة، فإن مملكتنا بل إن وطننا المحبوب هو أهم من أكبادنا، وأكبر خطراً من أفراخنا، فلنتقبل هذه التضحية، ولنرتض الأسى صابرين، إن الإنسانية كلها في خطر، فلتنتصر الحرية أولاً، وبعد ذلك لنا أن نبكي، وندع الفيض للعبرات.