للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كل المعامل المبثوثة حول الشاطئ الجزيرة فتحرك الأنوال حركة دائمة. والبحر هو الخادم الأمين الذي لا يعي ينسج لنا أكسيتنا وما يلزم حتى الخيش الذي نظلل به بساتيننا من فعل الحرارة الجوية والرطوبة.

وعند ذلك خرجنا ويممنا المدينة فدفع دليلنا باباً فانفتح وقال لنا هيا انظرا ما يفعله البحر إن هذا البهو العظيم الذي أمامنا لا يقع منه ضوء الشمس إلا على خيوط مشدودة وعجلات عديدة وسيور دائرة بقوة الكهرباء ووشائع تدفع في السدى ذات اليمين وذات اليسار كما بايد غير منظورة بسرعة البرق في إيماضه ونساء حسان تشتغل بطي النسيج الذي بعبضه رقيق شفاف وبعضه سميك مدفئ وتسلطنا على البحر فجعلناه كالمطية الذلول وقد استعصى على من سبقنا وفتك بالمئين والألوف منهم.

فقاطعه الربان قائلاً وما تفعلون إذا هاج البحر عليكم فقال إنه إذا هاج البحر فإنما يسرع في إنجاز أعمالنا لا غير.

قال الربان وماذا يكون من أمركم عند وقوع المد والجزر.

فأجاب أن البحر يمد عادة تسع ساعات في اليوم وتسع ساعات على ما أظن تكفي لتأدية الأعمال في كل بلاد متمدينة.

اضطررت في الأيام الأولى من وصولي إلى الجزيرة أن ألازم الفراش وقد كنت أظن أن هذا الاكتشاف البديع يعمل في شفائي ولكن شدة الصدمة والجروح الناجمة عنها وإن لم تكن خطرة كانت مؤلمة على أني تمكنت من الإشراف على المدينة من غرفتي فرأيت أن كل التربة البركانية حولت إلى أحسن ما يمكن تصوره بحذق المهندسين ومهارتهم فقد بنيت البيوت من المواد المصهورة وكان منظرها جميلاً ومع أن السكان ليسوا بكثيرين إلا أن مظاهر العمل والنشاط بادية عليهم وعربات التزام تخترق الشوارع الكبرى والقوات الطبيعية التي تذهب ضياعاً في أوربا وأميركا وسائر جهات المعمور تسخر هنا لقضاء حاجات الناس ففي أوربا وأميركا يسخرون إلا الريح والشلالات وينفقون كثيراً على توليد القوات الكهربائية من الفحم أما جزيرة الكور فلا فحم فيها وقد اكتشف سكانها مصادر للقوة من الطبيعة فاستخدموا الريح والبرق والمطر ومياه الاوقيانوس ونار البركان لقضاء أوطارهم فبات معظم قوات الطبيعة طوع بنانهم.