ومن المحال أن أحاول تعداد الفوائد الناجمة من قوة الريح فهم يخزنون الرياح لوقت الحاجة وحصروا النيران البركانية في القشرة التي تحت سطح الأرض وقد جعلت قوة النيران هذه القشرة كالأنابيت العظيمة المستديرة وكل أنبوبة منها متصلة بتجويف عظيم في مركز الجزيرة وتمكنوا من نقل القوة بهذه الأنابيب إلى اسطوانات بها مكابس وأداروا قضبان هذه المكابس بقوة نار البركان التي لا تنفذ وجعلوا قمة البركان بمثابة مرجل بخاري عظيم ورفعوا الماء من البحر إلى فوهته فمتى هاجت النيران تحت الماء تحركت القضبان المتصلة بالمرجل وأدارات الآلات وانفتحت الثغرة العظيمة ورجعت المكابس التي في الطلمبات إلى خلف فملأت الرياح التجويف الذي بها ولا تزال كذلك حتى تكتفي الجزيرة من أخذ مؤونتها ويستخدمونها لإدارة جميع الأعمال من المطحنة العظيمة إلى عجلة الخزاف الصغيرة وإذا جن الليل وهب الهواء قليلاً كفى ذلك لتنظيف الشوارع بدقة تفوق كل نظام بلديات أوربا وقد بلغ من تسخيرهم الهواء لارادتهم أن صاروا يستعملونه في الأشياء التافهة كنفخ النار في البيوت. وإذا سخنت الحرارة الجوية يضغط المرء على زر بجانب فراشه فيجري في غرفته هواء بليل ينعش العليل ويحي النفوس.
وقد زارني منقذي مراراً عديدة قبل أن أتمكن من الخروج وهو رجل عظيم نيط به إدارة معمل خزن الهواء وتوزيعه وقد قضى العمر في الاكتشافات العلمية فاكتشف مقياساً للحرارة الجوية وآخر للرطوبة وغيره لقياس كثافة الغازات وهي متصلة بخزانات عظيمة تحت الأرض. وعليه أيضاً أن يراقب ساعة بعد أخرى حال المجاري الجوية ويصون الجزيرة من عبث الذي يريدون استقصاء شؤونها وتجسس أحوالها خوفاً من تداخلهم في شؤؤن استقلالها فمتى لاحت سفينة عن بعد لا يحفلون بقيمة الهواء المخزون ولا يخطر ببالهم فكرة اقتصاده بل يفتحون كل نافذة وشق ويفرغون كل خزان فتخرج العاصفة من أحشاء الأرض وتهاجم السفينة فتحولها عن وجهة مسيرها حتى لا تصل إلى الجزيرة فيبقى سرها مكتوماً عن العالم. أما سفينتنا فما وقع لها إنما كان لأنها دخلت في منطقة عمل الآلات وهي تمتص الهواء لاختزانه ولم تنج من الوقوع في الهوة إلا بقفل الأبواب فجأة
وقلت لصاحبي ذات يوم أظن أنكم تستمدون الكهرباء من المطاحن الهوائية لإنارة بيوتكم ومعاملكم. فقال نعم بالهواء نستيطع أن نعمل كل شيء ولكن تكليف الهواء جميع الأعمال