للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحيبة قد الباع وهي نتيجة ... بغير شوى عذراء وهي ولود

تكبر عن نقع يثار كأنها ... موالٍ وحر الصافنات عبيد

لها من شفوف العبقري ملابس ... مفوفة فيها النضار جسيد

كما اشتملت فوق الأرائك خرد ... أو التفعت فوق المنابر صيد

لبوس تكف الموج وهو غطامط ... وتدرأ بأس أليم وهو شديد

فمنها دروع فوقها وجواشن ... ومنها جفانين لها وسرود

وأنا لفي ذلك إذ رأينا قلورية من بر الأرض الكبيرة عن يميننا وبر

جزيرة صقلية عن يسارنا ثم دخلنا المجاز الذي بينهما فرأينا بحراً صعباً ينصب انصباب السيل العرم ويغلي غليان المرجل لشدة انحصاره وانضغاطه فاستمر مركبنا في سيره والريح الجنوبية تسوقه سوقاً عنيفاً فلما شارفنا مدينة مسينى وقد كان الليل مظلماً ربوض النواحي ضربت في وجوهنا ريح انكصتنا على الأعقاب وحالت بين الأبصار والارتقاب وتتابعت علينا عوارض ديم صرنا منها ومن الليل والبحر في ثلاث ظلم وعباب الموج تتوالى صدماته وتظفر الألباب رجفاته فقطعنا هذه الليلة البهماء في مقاساة أهوال تجعل الولدان شيباً ثم تداركنا صنع الله مع السحر ففترت الريح ولأن متن البحر وجاءت ريح رخاء زجت المركب تزجية حسنة إلى مدينة مسينى فأرسينا فيها على مرسى عجيب يأخذ بالألباب وذلك إن أكبر ما يكون من السفن العظام يرسي من الشاطئ بحيث يتناول ما فيها من البر بالأيدي.

وهنا إذ وصلنا إلى مسينى إحدى مدائن جزيرة صقلية يجمل بنا أن نذكر لك عن هذه الجزيرة شيأ تكون به على بينه من أمرها ومن حضارة العرب وعز المسلمين فيها.

صقلية

هي جزيرة في البحر كبيرة على شكل مثلث متساوي الساقين زاويته الحادة من غربي الجزيرة بينها وبين ريو وبلاد قلورية من بر الأرض الكبيرة مجاز مسينى حيث يتراوح البحر بين ستة أميال وعشرة أميال وبين ذنبها الغربي وبين تونس نيف وستون ميلاً وزاويتها الجنوبية تقابل بر طرابلس من أقريقية وبالقرب من زاويتها الشمالية جزيرة صغيرة فيها بركان النار الذي لا يعلم في العالم أشنع منظراً منه وهذا بركان اسم لجبلين