للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصحاب الأذواق السليمة من كتاب العرب يكرهون تكلف الأسجاع والتزامها في كل عبارة فلا بدع إذا عابوا على أدباء الترك شغفهم بالسجع إلى درجة الإفراط مثل سعد الدين المؤرخ التركي القديم أما حيث لا يلتزم السجع في النثر التركي فترى المعاني أقرب إلى الطبع وأدنى إلى الذوق السليم.

وإذا بالغ الكتاب في تجريد كتاباتهم من المحسنات اللفظية وأقصوا كل سجعة أو لفظ رشيق أصبح كلامهم جافاً غير جذاب.

والأدب العثماني واسع غني فالمنشئون من كل نوع وخصوصاً الشعراء وجدوا في كل العصور وكانوا متعددين يقصدون القصائد الكثيرة العدد والطويلة المدى ولذلك سنكتفي في هذه العجالة بذكر قليل من أشهر مشهوري الشعراء الذي لهم المحل الأرفع في تاريخ بلادهم الأدبي.

فمن أقدم الشعراء العثمانيين الغازي فاضل

وقد دبج يراع الشاعر شيخي القرمياني قصيدة تاريخية طويلة ضمنها ذكر خطوب شرين البطلة الفارسية المشهورة في حكايات الفرس كما أن يازجي أوغلو كتب السيرة النبوية الشريفة شعراً وسمى قصيدته المحمدية وأهم كتب منثور العصور التركية القديمة كتاب حكايات الأربعين وزيراً جمعه جامع في النصف الأول من القرن الخامس عشر سمى نفسه شيخ زاده ولعل اسمه الحقيقي كان أحمد والحكاية الآتية بلسان الوزير العشرين تظهر روح حكايات هذا الكتاب وترى منها أن عبارته كانت بسيطة لا تكلف فيها.

كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك عظيم الشأن وقد خرج مرة للصيد والقنص وفيما هو عائد إذ بصر بشبح فقير في أسمال بالية وحال رثة ينادي من نقدني ألفا ذهباً بعته نصيحة من النصائح الغاليات قال الراوي فلما سمع الملك مقالته وفهم دعوته لوى عنان فرسه إليه وأقبل عليه وسأله ما هي تلك النصيحة الغالية فقال إذا أردت ذكرها فانقدني مهرها فأمر الملك حاشيته وغلمانه بإعطاء الشيخ المدعي ما طلب - ألفاً من الذهب - فلما حصل على غنيمته شرع يشدو بنصيحته قال: أيها الملك المهيب الرفيع الجناب إذا هممت بفعل أمر فاحسب حساب عاقبته فلما أتم مقالته سخر منه غلمان الملك وأهل حاشيته وقالوا هذه نصيحة مألوفة معروفة على أن الملك لم يكترث بهم وزاد الشيخ إكراماً وإحساناً