للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدح المعلى في الشعر والنثر، من آثاره قصيدة تتضمن قصة يوسف وزليخة زوج بوطيفار كما أن له بحثاً يسمى النيجارستان يشبه في عبارته وأسلوبه بحث الشاعر الفارسي المشهور بالسعدي المسمى جولستان أو حديقة الورد، وكان الشاعر مسيحي من معاصري سليم الأول وله قصيدة فذة في الطبقة الأولى بلاغة وفصاحة وحسن انسجام خلدت اسمه عند المشارقة ولدى أدباء الفرنجة أيضاً وهي قصيدة في وصف الربيع نورد من معانيها ما يأتي:

اسمع يا صاح صوت البلبل الشجي فهو يناديك، لقد أقبل فصل الربيع الجميل كم في خمائله من الأزهار اللطيفة وفي رياضه من المشاهد الظريفة فأشجار اللوز تنثر من لآلئ الندى الناصعة البياض ما تقر به العين وينشرح له الصدر فلا تحرمن نفسك من مشاهد الربيع فاشرب واسرح وامرح فإن أيام الربيع الحلوة زائلة عما قريب، ما أجمل الورد والخزامى وقد تفتحت أكمامهما وعلقت حلقات من قطر الندى البراق بآذانهما الجميلة فلا تحرمن نفسك من مشاهد الربيع فاشرب واسرح وامرح فإن أيام الربيع الحلوة زائلة عما قريب، لا تسكب عيون السحاب كل فجر دموعها الرقراقة المتألقة على خد الورود الأرضية ولما يختلط نفس الصبح البليل ونسيمه العليل بعبق كالمسك التتري ولما يكون وجه الدنيا ضاحكاً مستبشراً لا تقف وقفة الغافل ولا تحرمن نفسك من مشاهد الربيع فاشرب واسرح وامرح فإن أيام الربيع الحلوة زائلة عما قريب، ألا ترى إلى الجنان المزهرة والبساتين المثمرة كيف يعطر شذاها الهواء وكيف تذكو رائحة قطر الندى قبل أن تبلغ الأرض، ألا ترى إلى السماء كيف انعقد فوق الأرض كالفسطاط العظيم فلا تحرمن نفسك من مشاهد الربيع فاشرب واسرح وامرح فإن أيام الربيع الحلوة زائلة عما قريب.

ولغاية عهد سليم الأول كانت الآثار القلمية التركية ساذجة غير مصقولة فلما ولي سليمان الأول ١٥٢٠ - ١٥٦٦ انفتح عصر جديد زاهر فقد نبغ في أطراف دولته في الشرق والغرب شاعران عظيمان مجيدان وهما الفضولي والباكي وكان الفضولي نزيل بغداد وأحد المقدمين الأربعة في الشعر التركي القديم أول شاعر نال بحق سبق الإجادة الصحيحة في الآداب التركية ولم يفق عليه ممن تقدمه أحد ولأقاربه في الفضل وكان من خصائص هذا الشاعر أنه لم يتقيد بمعاني من تقدموه رغماً من احتذائه الفارسية ذوقاً وعبارة فقد اختط