للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من جهة أن كاتبه لا يتكلف الأسجاع وإنما يكتب بالأسلوب البسيط السهل الذي تفهمه العامة ولا تنكره الخاصة فضلاً عن أنه ماهر الوصف دقيق في إبراز الماضي البائد في صورة الحي الماثل للعيان، أما أولياء أفندي فإنه ساح واخترق الآفاق وضرب في عرض القارات الكبرى الثلاث القديمة ثم ألقى عصا التسيار في القسطنطينية حيث دون رحلته في كتاب عظيم، أما الحاج خليفه المعروف أيضاً بكاتب شلبي المتوفى سنة ١٦٨٥ فقد تعددت مؤلفاته القيمة في التواريخ والأخبار والسير وتخطيط البلاد وغيرها من العلوم وفي سنة ١٧٢٨ ظهر أول كتاب مطبوع في تركيا وكان ترجمة قاموس عربي، والذي أنشأ أول مطبعة كان الوزير الأعظم إبراهيم باشا صاحب الأيادي البيضاء على الشاعر نديم وقد جعل عليها رجلاً مجرياً أسلم وسمى نفسه إبراهيم.

وآخر الأربعة المشهورين من الشعراء الأتراك القدماء الشيخ غالب وكان معاصراً لسليم الثالث (١٧٨٩ - ١٨٠٧) له قصيدة طويلة نهاية في الإبداع وغاية في حسن الانسجام بعنوان الحسن والعشق، ولقد صاغها في قالب روائي جميل من أبدع ما أبرزته العبقرية التركية، وقد تمثل بفضولي ونافع ونديم واختط له في الأسلوب خطة خاصة به ونحا نحواً جميلاً ناجحاً أربى به على الأقران.

ولقد كان عصر محمود الثاني (١٨٠٨ - ١٨٣٩) عصر تطور وانقلاب في التاريخ التركي فلقد تناول التغيير والإصلاح النظم والقوانين والمرافق القديمة قليلاً وكثيراً فليس من العجيب أن تتأثر الآداب بالروح التي أثرت في غيرها ودخل في الشعر والنثر مذهب أوروبي ملك على اللغة التركية أمرها إلى اليوم غير أن النثر كان أسرع من الشعر في التأثر بمناحي الآداب الافرنكية وأشهر شعراء وشاعرات عصر الانتقال هذا واصف، وقد كتب أسفاره بلغة القسطنطينية الشائعة لعهده، وعزت منلا والسيدتان فطنت وليلى.

ولقد دخل التغيير جوهر الآداب التركية بشكل عظيم فعال واضح منذ ثلاثين سنة فقط وقد تعاظم أمر هذا التغيير والانقلاب من يوم إلى آخر وتناول الآداب التركية في المعنى والمبنى والجوهر والعرض شعراً ونثراً بحيث لا نبالغ إذا قلنا أن قصيدة أو مقالة من قلم شاعر أو أديب تركي من أهل هذا العصر الحاضر لا تفهم ولايكون لها قيمة عند أديب من أدباء الترك الماضين وهذا التغيير إنما سببه مطالعة دروس اللغة والآداب الفرنسية الأمر