للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معاً، وطيفاً جميلاً تحوطه الحجب، وكان الوحي الذي ظهر في حياتهما الصغيرة.

وهنا تقوم المسألة، وينهض السؤال يطلب البحث، وهو هل العواطف التي نحسها في أعماقنا من ناحية إنسان تحدث من ذاته وشخصيته، أو من التأثيرات التي يحدثها هذا الشخص، رجلاً أم امرأة، فإذا كان الأمر الثاني، أفلا يجوز أن ينهض إنسان آخر من حجب الأقدار يستطيع أن يحدث هذه التأثيرات بعينها يظفر بعواطفنا التي ظفر بها الأول.

على أن شيلا لم تفكر في هذا الأمر، ولم يخطر على بالها ولكن الأمر الذي لا ريب فيه هو أنها في ذلك الوقت كانت تحن إلى اللذة والبهجة لا إلى الشخص الذي كان يحدثها ولئن كان الرجل هو الذي وهبها تلك اللذة، فإن اللذة كانت أقوى في نفسها أثراً واشد حيوية من واهبها، وإذا كانت اليوم تبكي ليزلي وتطلب أن يرد إليها فإنما كانت في الحقيقة تبكي سعادتها ولذتها الراحلة عنها.

ولم تظهر دلائل على أن ليزلي سيعود إليها، وكانت أصوات الصحراء تحف به، وقلما يجاز للجندي أن يقضي أياماً في المغرب، وعمله لا يزال يناديه في المشرق.

ولعل أشد مآسي الحرب وفواجعها أنها خنقت الحب وأودت به، وهذا هو الجرم الذي يجب أن تؤخذ الحرب به وتعاقب عليه، ويصلى الذين آثارها ويله وجريرته، ولا نظن أن فتاة غفلاً غريرة كشيلا تلك تستطيع أن تتحمل وقع حزنها بلا اعتراف وتصبر على الآلام بلا طلب المؤاسي، والتماس المخفف، وإذا أنت علمت أن اعترافات المصابين في سعادتهم، الذين يعانون آلام الوحدة ومناكد العزلة، لا تصيب في أغلب الأحيان عاطفة الناس الذين يشاركون المعترف في جنسه، فلا غرو ولا عجب أن تكون شيلا قد نفضت هم نفسها وكشفت غمة فؤادها إلى رجل.

على أن قصر المدة التي لبثتها في ظل ليزلي وعدم مقدرتها على أن تدرك نفسيته فيها، لا تزال شفائع لها على أنها اختارت لذات صدرها رجلاً خطيراً مثل جفري ستايتون ذلك الذي خصته باعترافها، وركنت إليه واعتمدت على مؤاساته.

وفي العالم فكرة شائعة لعلها انتشرت بفضل كتاب الروايات والقصيين وهي أن الرجل الذي يغتصب ظلماً وعدواناً زوجة رجل آخر ليس إلا رجلاً مجرماً شريراً مشهود له بذلك، وهو في الكتب معروف، بتبيينه في التو واللحظة، بلهجته المخادعة وهيئته الخلابة،