للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الإيمان) لأن الوضوء في الإسلام يستبق الصلوات ولكل رسوم وشعائر وواجبات، على أن ليس في قساوسة المسيحية من يستطيع أن يقول ما يقوله عالم من علماء الإسلام للمسلم أن هذه الشعائر تستطيع أن تتعلمها من أي مسلم تلتقي به في الطريق.

أما زكاتهم فتقضي بأن يهب المسلم جزءاً من أربعين من ماله للفقير والمسكين وذوي الحاجات وهذه الأموال التي تجتمع من الزكاة توضع في بيت المال، ومن بين الوجوه التي تصرف فيها فك رقاب الموالي والعبيد، والرق من الأمور التي اتهم بها المسيحيون عن جهالة دين الإسلام وإن كان محمد استطاع بدأبه وجهده أن يخفف من شدة نظام الرق بأن وضع قانوناً يبعث على إبطال الرق على مدى الزمن واستن سنة تؤدي إلى إلغاء امتلاك رقاب العبيد ولكي تكون الزكاة مقبولة عند الله ينبغي للواهب أن يثبت أن الزكاة التي رضخ بها من حر ماله، وله أن يزيد الزكاة عن القدر المحدود، على أنه غير مكلف بزيادة، أو مكره على دفع دون طاقته، ولكن من يعطي عن طواعية أكثر من الجزء المعين من الزكاة، فله عند الله أجر عظيم.

أما الحج إلى مكة فمن أشد فروض الإسلام أهمية وخطورة لأن المسلمين يقبلون من جميع بلاد الله فيلتقون في صعيد واحد، فالحج هو رابطة الاتحاد، ومجتمع الوئام، والحج هو الذي ينشئ من المسلمين معبداً محمدياً زاخراً عظيماً، مما لا تبلغ مثله المسيحية بجميع فرقها ومنازعها وطوائفها. ثم لا يزال الحج وسيلة من وسائل نشر الآداب بفضل اللغة المشتركة العامة، وهي العربية، كما كان من اللاتينية في الغرب إذ كانت اللغة الفذة التي يتعلمها العلماء علاوة على لغاتهم، ومعرفة اللغة العربية هي مفتاح مغاليق الدين الإسلامي، بل السبيل إلى قلب الإنسانية المسلمة جميعاً.

وأما الصوم فليس إلا نظاماً من الأنظمة، ولكن لا يزال له بعد من ناحية قوانين الصحة فضل ونفع أي فضل وأي نفع، وإن أداء فريضة الصوم والوضوء والطهر لا يعد فقد من الحكمة والسداد، وإنما في تأديتها كذلك إنفاذ قوانين الصحة التي ينادي بها الأطباء، وإني في الحقيقة أرى أن هذه القواعد والسنن التي استنها الإسلام من ناحية تحريم الخمر ولحم الخنزير وما لم يذبح من الحيوان على السنة، وما إلى ذلك لم توضع ولم تشترع لإحراج الذين استنت لهم وإرهاقهم، وإنما جعلت صلاحاً لهم ونفعاً وفائدة لجسومهم وعقولهم.